السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَجَعَلَ ٱلۡقَمَرَ فِيهِنَّ نُورٗا وَجَعَلَ ٱلشَّمۡسَ سِرَاجٗا} (16)

{ وجعل القمر } أي : الذي ترونه { فيهنّ نوراً } أي : لامعاً منتشراً كاشفاً للمرئيات ، أحد وجهيه يضيء لأهل الأرض ؛ والثاني لأهل السماوات . قال الحسن : يعني في السماء الدنيا ، كما تقول : أتيت بني فلان ، وإنما أتيت بعضهم وفلان متوار في دور بني فلان ، وهو في دار واحدة ، وبدأ به لقربه وسرعة حركته وقطعه جميع البروج في كل شهر وغيبوبته في بعض الليالي ، ثم ظهوره وذلك أعجب في القدرة .

ولما كان نوره مستفاداً من نور الشمس قال تعالى : { وجعل } أي : فيها { الشمس } أي : في السماء الرابعة { سراجاً } أي : نوراً عظيماً كاشفاً لظلمة الليل عن وجه الأرض وهي في السماء الرابعة كما مرّ . وقيل : في الخامسة ، وقيل : في الشتاء في الرابعة وفي الصيف في السابعة . روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وابن عمر : أنّ الشمس والقمر وجوههما مما يلي السماء وأقفيتهما إلى الأرض ، وجعلهما سبحانه آية على رؤية عباده المؤمنين له في الجنة .