قوله تعالى : { وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين } . إنما أعاد ذكر المتعة هاهنا لزيادة معنى ، وذلك أن في غيرها بيان حكم غير الممسوسة ، وفي هذه الآية بيان حكم جميع المطلقات في المتعة ، وقيل : إنه لما نزل قوله تعالى : ( ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ) إلى قوله ( حقاً على المحسنين ) قال رجل من المسلمين : أن أحسنت فعلت ، وإن لم أرد ذلك لم أفعل ، فقال الله تعالى : ( وللمطلقات متاع ) جعل المتعة لهن بلام التمليك وقال : ( حقاً على المتقين ) يعني المؤمنين المتقين الشرك .
{ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ * كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }
أي : لكل مطلقة متاع بالمعروف حقا على كل متق ، جبرا لخاطرها وأداء لبعض حقوقها ، وهذه المتعة واجبة على من طلقت قبل المسيس ، والفرض سنة في حق غيرها كما تقدم ، هذا أحسن ما قيل فيها ، وقيل إن المتعة واجبة على كل مطلقة احتجاجا بعموم هذه الآية ، ولكن القاعدة أن المطلق محمول على المقيّد ، وتقدم أن الله فرض المتعة للمطلقة قبل الفرض والمسيس خاصة .
وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ( 241 )
اختلف الناس في هذه الآية ، فقال أبو ثور : «هي محكمة ، والمتعة لكل مطلقة دخل بها أو لم يدخل ، فرض لها أو لم يفرض ، بهذه الآية » ، وقال الزهري : «لكل مطلقة متعة ، وللأمة يطلقها زوجها » . وقال سعيد بن جبير : «لكل مطلقة متعة » . وقال ابن القاسم في إرخاء الستور من المدونة : «جعل الله تعالى المتاع لكل مطلقة بهذه الآية ، ثم استثنى في الآية الأخرى التي قد فرض لها ولم يدخل بها فأخرجها من المتعة ، وزعم زيد بن أسلم أنها نسختها » .
قال القاضي أبو محمد : ففر ابن القاسم رحمه الله من لفظ النسخ إلى لفظ الاستثناء ، والاستثناء لا يتجه في هذا الموضع ، بل هو نسخ محض كما قال زيد بن أسلم . وإذا التزم ابن القاسم أن قوله { وللمطلقات } عمَّ كل مطلقة لزمه القول بالنسخ ولا بد . وقال عطاء بن أبي رباح وغيره . هذه الآية في الثيب( {[2347]} ) اللواتي قد جومعن إذ قد تقدم في غير هذه الآية ذكر المتعة للواتي لم يدخل بهن .
قال القاضي أبو محمد : فهذا قول بأن التي قد فرض لها قبل المسيس لم تدخل قط في هذا العموم ، فهذا يجيء قوله على أن قوله تعالى : { فإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن } [ البقرة : 237 ] مخصصة لهذا الصنف من النساء ، ومتى قيل إن العموم تناولها فذلك نسخ لا تخصيص( {[2348]} ) ، وقال ابن زيد : «هذه الآية نزلت مؤكدة لأمر المتعة ، لأنه نزل قبل { حقاً على المحسنين } [ البقرة : 236 ] فقال رجل : فإن لم أرد أن أحسن لم أمتع ، فنزلت : { حقاً على المتقين } فوجب ذلك عليهم » .
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : هذا الإيجاب هو من تقويل الطبري لا من لفظ ابن زيد .
وقوله تعالى : { حقاً } نصب على المصدر ، و { المتقين } هنا ظاهره أن المراد من تلبس بتقوى الله ( {[2349]} )تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.