اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلِلۡمُطَلَّقَٰتِ مَتَٰعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِينَ} (241)

إنَّما أعاد ذكر المتعة هاهنا ؛ لزيادة معنًى ؛ وذلك أنَّ في غيرها بيان حكم غير الممسوسة ، وفي هذه الآية : بيان حكم جميع المطلّقات في المتعة .

وقيل : لأنَّه لما نزل قوله تعالى : { وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ } ، إلى قوله : { حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ } [ البقرة :236 ] قال رجلٌ من المسلمين : إن أردت ؛ فعلت ، وإن لم أرد ذلك لم أفعل فقال الله تعالى : { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ } جعل المتعة لهن بلام الملك ، وقال : { حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ } يعنى المؤمنين المتَّقين الشِّرك .

وقيل : المراد بهذه المتعة : النَّفقة ، والنَّفقة قد تسمَّى متاعاً ، فاندفع التَّكرار .

واعلم أنَّ القائل بوجوب المتعة لكلِّ المطلقات : هو سعيد بن جبير ، وأبو العالية والزُّهريّ{[3995]} .

وقال الشَّافعيُّ : لكلّ مطلقة إلاّ المطلقة التي فرض لها المهر ، ولم يوجد في حقّها المسيس .

قال أبو حنيفة : لا تجب المتعة إلاَّ للمطلَّقة التي لم يفرض لها ، ولم يوجد المسيس .

وقول الله تعالى في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم : { فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ }

[ الأحزاب :28 ] محمولٌ على أنَّه تطوُّع من النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لا على سبيل الوجوب .

وقوله : { فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ } [ الأحزاب :49 ] محمولٌ على غير المفروض لها أيضاً .

قال القرطبيُّ{[3996]} : وأوجب الشَّافعيُّ المتعة للمختلعة ، والمبارئة ، وقال أصحاب مالك : كيف يكون للمفتدية متعة وهي تعطى ، فكيف تأخذ متاعاً ، لا متعة لمختارة الفراق من مختلعة ، أو مفتدية ، أو مبارئة ، أو مصالحة ، أو ملاعنة ، أو معتقة تختار الفراق ، دخل بها أم لا ، سمى لها صداقاً أم لا ؛ وقد تقدَّم ذلك ، ثم قال : { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } .


[3995]:- ينظر: تفسير الفخر الرازي 6/137.
[3996]:- ينظر: تفسير القرطبي 3/150.