مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَلِلۡمُطَلَّقَٰتِ مَتَٰعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِينَ} (241)

الحكم الثامن عشر : في المطلقات

قوله تعالى { وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون } .

يروى أن هذه الآية إنما نزلت ، لأن الله تعالى لما أنزل قوله تعالى : { ومتعوهن } إلى قوله : { حقا على المحسنين } قال رجل من المسلمين : إن أردت فعلت ، وإن لم أرد لم أفعل ، فقال تعالى : { وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين } يعني على كل من كان متقيا عن الكفر ، واعلم أن المراد من المتاع ههنا فيه قولان أحدهما : أنه هو المتعة ، فظاهر هذه الآية يقتضي وجوب هذه المتعة لكل المطلقات ، فمن الناس من تمسك بظاهر هذه الآية وأوجب المتعة لجميع المطلقات ، وهو قول سعيد بن جبير وأبي العالية والزهري قال الشافعي رحمه الله تعالى : لكل مطلقة إلا المطلقة التي فرض لها مهر ولم يوجد في حقها المسيس ، وهذه المسألة قد ذكرناها في تفسير قوله تعالى : { ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره } .

فإن قيل : لم أعيد ههنا ذكر المتعة مع أن ذكرها قد تقدم في قوله : { ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره } .

قلنا : هناك ذكر حكما خاصا ، وههنا ذكر حكما عاما .

والقول الثاني : أن المراد بهذه المتعة النفقة ، والنفقة قد تسمى متاعا وإذا حملنا هذا المتاع على النفقة اندفع التكرار فكان ذلك أولى ، وههنا آخر الآيات الدالة على الأحكام ، الله أعلم .