المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامٗا وَأَجَلٞ مُّسَمّٗى} (129)

129- ولولا حكم سبق من ربك بتأخير العذاب عنهم إلي أجل مسمى - هو القيامة - لكان العذاب لازماً لهم في الدنيا كما لزم كفار القرون الماضية .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامٗا وَأَجَلٞ مُّسَمّٗى} (129)

قوله تعالى : { ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى } فيه تقديم وتأخير ، تقديره : ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى ، لكان لزاماً . والكلمة : الحكم بتأخير العذاب عنهم ، أي ولولا حكم سبق بتأخير العذاب عنهم وأجل مسمى وهو القيامة لكان لزاماً ، أي لكان العذاب لازماً لهم في الدنيا ، كما لزم القرون الماضية الكافرة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامٗا وَأَجَلٞ مُّسَمّٗى} (129)

{ 129-130 } { وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى }

هذا تسلية للرسول ، وتصبير له عن المبادرة إلى إهلاك المكذبين المعرضين ، وأن كفرهم وتكذيبهم سبب صالح لحلول العذاب بهم ، ولزومه لهم ، لأن الله جعل العقوبات سببا وناشئا عن الذنوب ، ملازما لها ، وهؤلاء قد أتوا بالسبب ، ولكن الذي أخره عنهم كلمة ربك ، المتضمنة لإمهالهم وتأخيرهم ، وضرب الأجل المسمى ، فالأجل المسمى ونفوذ كلمة الله ، هو الذي أخر عنهم العقوبة إلى إبان وقتها ، ولعلهم يراجعون أمر الله ، فيتوب عليهم ، ويرفع عنهم العقوبة ، إذا لم تحق عليهم الكلمة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامٗا وَأَجَلٞ مُّسَمّٗى} (129)

{ ولولا كلمة سبقت من ربك } وهي العدة بتأخير عذاب هذه الأمة إلى الآخرة . { لكان لزاما } لكان مثل ما نزل بعاد وثمود لازما لهؤلاء الكفرة ، وهو مصدر وصف به أو اسم آلة سمي به اللازم لفرط لزومه كقولهم لزاز خصم . { وأجل مسمى } عطف على كلمة أي ولولا العدة بتأخير العذاب وأجل مسمى لأعمارهم ، أو لعذابهم وهو يوم القيامة أو يوم بدر لكان العذاب لزاما والفصل للدلالة على استقلال كل منهما بنفي لزوم العذاب ، ويجوز عطفه على المستكن في كان أي لكان الأخذ العاجل وأجل مسمى لازمين له .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامٗا وَأَجَلٞ مُّسَمّٗى} (129)

ثم أعلم عز وجل قبله أن العذاب كان يصير لهم { لزاماً } { لولا كلمة سبقت } من الله تعالى في تأخيره عنهم إلى { أجل مسمى } عنده فتقدير الكلام { ولولا كلمة سبقت } في التأخير { وأجل مسمى } لكان العذاب { لزاماً } كما تقول لكان حتماً أو واجباً واقعاً لكنه قدم وأخر لتشتبه رؤوس الآي . واختلف الناس في الأجل فيحتمل أن يريد يوم القيامة والعذاب المتوعد به على هذا هو عذاب جهنم ، ويحتمل أن يريد ب «الأجل » موت كل واحد منهم فالعذاب على هذا هو ما يلقى في قبره وما بعده ، ويحتمل أن يريد بالآجال يوم بدر فالعذاب على هذا هو قتلهم بالسيف وبكل احتمال مما ذكرناه ، قالت فرقة ، وفي صحيح البخاري ، أن يوم بدر وهو اللزام وهو البطشة الكبرى .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامٗا وَأَجَلٞ مُّسَمّٗى} (129)

جملة { ولوْلاَ كلِمَةٌ } عطف على جملة { أفلم يهد لهم } [ طه : 128 ] باعتبار ما فيها من التحذير والتهديد والعبرة بالقرون الماضية ، وبأنهم جديرون بأن يحل بهم مثل ما حل بأولئك . فلما كانوا قد غرّتهم أنفسهم بتكذيب الوعيد لِما رأوا من تأخر نزول العذاب بهم فكانوا يقولون { متى هذا الوعد إن كنتم صادقين } [ سبأ : 29 ] عقب وعيدهم بالتنبيه على ما يزيل غرورهم بأن سبب التأخير كلمةٌ سبقت من الله بذلك لحِكَم يعلمها . وهذا في معنى قوله { ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون } [ سبأ : 29 ، 30 ] .

والكلمة : مستعملة هنا فيما شأنه أن تدل عليه الكلمات اللفظية من المعاني ، وهو المسمى عند الأشاعرة بالكلام النفسي الراجع إلى علم الله تعالى بما سيبرزه للناس من أمر التكوين أو أمرِ التشريع ، أو الوعظ . وتقدّم قوله تعالى : { ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم } في سورة هود ( 110 ) .

فالكلمة هنا مراد بها : ما عَلمه الله من تأجيل حلول العذاب بهم ، فالله تعالى بحكمته أنظر قريشاً فلم يعجل لهم العذاب لأنه أراد أن ينشر الإسلام بمن يؤمن منهم وبذريّاتهم . وفي ذلك كرامة للنبيء محمد بتيسير أسباب بقاء شرعه وانتشاره لأنه الشريعة الخاتمة . وخصّ الله منهم بعذاب السيف والأسر من كانوا أشداء في التكذيب والإعراض حكمة منه تعالى ، كما قال : { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام } [ الأنفال : 33 34 ] .

واللِزام بكسر اللام : مصدر لاَزَم : كالخصام ، استعمل مصدراً لفعل لَزِم الثاني لقصد المبالغة في قوة المعنى كأنه حاصل من عدة ناس . ويجوز أن يكون وزن فِعال بمعنى فاعل ، مثل لزاز في قول لبيد :

منا لزاز كريهة جذّامها

وسِداد في قول العَرَجي :

أضاعوني وأي فتى أضاعوا *** ليوم كريهة وسِدادِ ثَغْر

أي : لكان الإهلاك الشديد لازماً لهم .

فانتصب لزاماً على أنه خبر ( كانَ ) ، واسمُها ضمير راجع إلى الإهلاك المستفاد من { كم أهلكنا } ( 128 ) ، أي لكان الإهلاك الذي أُهلك مثله مَن قبلهم من القرون ، وهو الاستيصال ، لازماً لهم .

{ وأجل مسمى } عطف على { كلمة } والتقدير : ولولا كلمة وأجلٌ مسمّى يقع عنده الهلاك لكان إهلاكهم لزاماً . والمراد بالأجل : ما سيُكشف لهم من حلول العذاب : إما في الدنيا بأن حل برجال منهم وهو عذاب البطشة الكبرى يومَ بدر ؛ وإما في الآخرة وهو ما سيحل بمن ماتوا كفّاراً منهم . وفي معناه قوله تعالى : { قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاماً } [ الفرقان : 77 ] .

ويظهر أنه شاع في عصر الصحابة تأويل اسم اللزام أنه عذاب توعد الله به مشركي قريش . وقيل : هو عذاب يوم بدر . ففي « صحيح البخاري » عن ابن مسعود قال : « خمس قد مضين : الدخان ، والقمرُ ، والرّومُ ، والبطشة ، واللِزام { فسوف يكون لزاماً .

يريد بذلك إبطال أن يكون اللِزام مترقباً في آخر الدنيا . وليس في القرآن ما يحوج إلى تأويل اللِزام بهذا كما علمت .