البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامٗا وَأَجَلٞ مُّسَمّٗى} (129)

ثم بين تعالى الوجه الذي لأجله لا يترك العذاب معجلاً على من كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم والكلمة السابقة هي المعدة بتأخير جزائهم في الآخرة قال تعالى : { بل الساعة موعدهم } تقول : لولا هذه العدة لكان مثل إهلاكنا عاداً وثموداً لازماً هؤلاء الكفرة ، واللزام إما مصدر لازم وصف به وإما فعال بمعنى مفعل أي ملزم كأنه آلة للزوم ، ولفظ لزومه كما قالوا لزاز خصم .

وقال أبو عبد الله الرازي : لا شبهة أن الكلمة إخبار الله تعالى ملائكته وكتبه في اللوح المحفوظ أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم وإن كذبوا يؤخرون ولا يفعل بهم ما فعل بغيرهم من الاستئصال انتهى .

والأجل أجل حياتهم أو أجل إهلاكهم في الدنيا أو عذاب يوم القيامة ، أقوال : فعلى الأول يكون العذاب ما يلقى في قبره وما بعده .

وعلى الثاني : قتلهم بالسيف يوم بدر .

وعلى الثالث : هو عذاب جهنم .

وفي صحيح البخاري « أن يوم بدر هو اللزام وهو البطشة الكبرى » والظاهر عطف { وأجل مسمى } على كلمة وأخر المعطوف عن المعطوف عليه ، وفصل بينهما بجواب { لولا } لمراعاة الفواصل ورؤوس الآي ، وأجاز الزمخشري أن يكون { وأجل } معطوفاً على الضمير المستكن في كان قال أي { لكان } الأخذ العاجل { وأجل مسمى } لازمين له كما كانا لازمين لعاد وثمود ، ولم ينفرد الأجل المسمى دون الأخذ العاجل انتهى .