- ثم بيَّن تعالى الوجه الذي لأجله لا ينزل العذاب معجلاً على من كفر بمحمد -عليه السلام{[27383]} .
فقال : { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } ( وفيه تقديم وتأخير ){[27384]} ، والتقدير : ولولا كلمةٌ سبقت من ربك وأجل مسمى لكانَ لزاماً{[27385]} .
والكلمة في الحكم بتأخير العذاب عنهم أي : وَلَوْلاَ حكمٌ سبقت بتأخير العذاب عنهم " وَأَجَلٌ مًسَمًّى " هو القيامة ، ( وقيل : يَوْمَ بَدْر ){[27386]} {[27387]} . قوله : { وَأَجَلٌ مُسَمًّى } في رفعه وجهان :
أظهرهما{[27388]} : عطفه على " كَلِمَةٌ " ، أي : ولوْلاَ أجلٌ مُسَمًّى لكان العذاب لزاماً لهم{[27389]} .
والثاني : جوَّزه الزمخشري ، وهو أن يكون مرفوعاً عطفاً على الضمير المستتر ، والضمير عائد على الأخذ العاجل المدلول عليه بالسياق{[27390]} ، وقام الفصل{[27391]} بالخبر مقام التأكيد ، والتقدير : ولوْلاَ كلمة سبقت من ربك لكان الأخذ العاجل وأجل مسمى لازمين لهم كما كانا لازمين لعادٍ وثمود ، ولم ينفرد الأجل المسمى دون الأخذ العاجل{[27392]} ، فقد جعل اسم " كَانَ " عائداً على ما دلَّ عليه السياق ، إلا أنَّه قد يشكل عليه مسألة وهي أنه قد جوَّز في ( لزاماً ){[27393]} وجهين :
أحدهما{[27394]} : أن يكونَ مصدرَ ( لازم ){[27395]} كالخصام ، ولا إشكال على هذا{[27396]} .
والثاني : أن يكون وصفاً على ( فِعَال ){[27397]} بمعنى مُفْعِل أي : ملزم{[27398]} ، كأنه آلة اللزوم ، لفرط لزومه ، كما قالوا : لِزَازٌ{[27399]} خَصِمٌ{[27400]} ، وعلى هذا فيقال{[27401]} : كان{[27402]} ينبغي أن يطابق في التثنية ، فيقال : لزامين بخلاف كونه مصدراً فإنه يفرد على كل حال . وجوَّز أبو البقاء{[27403]} أن يكون " لِزَاماً " جمع " لاَزِم " كقيام جمع قائِم{[27404]} .
والمراد أن أمة محمد{[27405]} -عليه السلام{[27406]}- وإن كذَّبُوا فسيؤخرون ولا يفعل{[27407]} بهم ما فعل بغيرهم من الاستئصال ، وذلك لأنَّه عَلِم أن فيهم{[27408]} من يؤمن . وقيل : علم أنَّ في نسلِهِم من يؤمن ، ولو نزل بهم العذاب لعمهم الهلاك . وقيل : المصلحة فيه خفية لا يعلمها إلا الله تعالى{[27409]} .
وقال أهل السنة : له بحكم المالكية{[27410]} أن يخص مَنْ يشاء بفضله ومَن شاء{[27411]} بعذابه من غير علة ، إذ لو كان فعله لعلة{[27412]} لكانت تلك العلة إن كانت قديمة لزم قدوم{[27413]} الفعل ، وإن كانت حادثة افتقرت إلى علة أخرى ولزم التسلسل{[27414]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.