المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ أَنَّ عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦ لَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۗ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (58)

58- قل : لو أن في قدرتي إنزال العذاب الذي تتعجلونه ، لأنزلته عليكم غضبا لربي ، وانتهي الأمر بيني وبينكم بذلك ، ولكن الأمر لله وهو أعلم بما يستحقه الكافرون من العذاب العاجل أو الآجل .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ أَنَّ عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦ لَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۗ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (58)

قوله تعالى : { قل لو أن عندي } ، وبيدي .

قوله تعالى : { ما تستعجلون به } ، من العذاب .

قوله تعالى : { لقضي الأمر بيني وبينكم } ، أي : فرغ من العذاب وأهلكتم ، أي لعجلته حتى أتخلص منكم .

قوله تعالى : { والله أعلم بالظالمين } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ أَنَّ عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦ لَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۗ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (58)

{ قُل } للمستعجلين بالعذاب ، جهلا وعنادا وظلما ، { لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } فأوقعته بكم ولا خير لكم في ذلك ، ولكن الأمر ، عند الحليم الصبور ، الذي يعصيه العاصون ، ويتجرأ عليه المتجرئون ، وهو يعافيهم ، ويرزقهم ، ويسدي عليهم نعمه ، الظاهرة والباطنة . { وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ } لا يخفى عليه من أحوالهم شيء ، فيمهلهم ولا يهملهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ أَنَّ عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦ لَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۗ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (58)

56

ثم يؤمر أن يلمس قلوبهم وعقولهم ويلفتها إلى دلالة قوية على أن هذا الأمر من عند الله ، ومتروك لمشيئة الله . فلو أن أمر الخوارق - بما فيها إنزال العذاب - في مقدوره - وهو بشر - ما استطاع أن يمسك نفسه عن الاستجابة لهم ، وهم يلحفون هذا الإلحاف . ولكن لأن الأمر بيد الله وحده ، فهو يحلم عليهم ؛ فلا يجيئهم بخارقة يتبعها العذاب المدمر ، إن هم كذبوا بها كما فعل بمن قبلهم : ( قل : لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم ، والله أعلم بالظالمين ) . .

إن للطاقة البشرية حدودا في الصبر والحلم والإمهال . وما يحلم على البشر ويمهلهم - على عصيانهم وتمردهم وتبجحهم - إلا الله الحليم القوي العظيم . .

وصدق الله العظيم . . فإن الإنسان ليرى من بعض الخلق ما يضيق به الصدر ، وتبلغ منه الروح الحلقوم . . ثم ينظر فيجد الله - سبحانه - يسعهم في ملكه ، ويطعمهم ، ويسقيهم ، ويغدق أحيانا علهيم ، ويفتح عليهم أبواب كل شيء . . وما يجد الإنسان إلا أن يقول قوله أبي بكر - رضي الله عنه - والمشركون يضربونه الضرب المبرح الغليظ ، حتى ما يعرف له أنف من عين : " رب ما أحلمك ! رب ما أحلمك ! " . . فإنما هو حلم الله وحده . . وهو يستدرجهم من حيث لا يعلمون ! ( والله أعلم بالظالمين ) . .

فهو يمهلهم عن علم ، ويملي لهم عن حكمة ، ويحلم عليهم وهو قادر على أن يجيبهم إلى ما يقترحون ، ثم ينزل بهم العذاب الأليم . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ أَنَّ عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦ لَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۗ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (58)

{ قل لو أن عندي } في قدرتي ومكنتي . { ما تستعجلون به } من العذاب . { لقضي الأمر بيني وبينكم } لأهلكتكم عاجلا غضبا لربي ، وانقطع ما بيني وبينكم . { والله أعلم بالظالمين } في معنى الاستدراك كأنه قال : ولكن الأمر إلى الله سبحانه وتعالى وهو أعلم بمن ينبغي أن يؤخذ وبمن ينبغي أن يمهل منهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ أَنَّ عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦ لَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۗ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (58)

استئناف بياني لأنّ قوله : { ما عندي ما تستعجلون به } [ الأنعام : 57 ] يثير سؤالاً في نفس السامع أن يقول : فلو كان بيدك إنزال العذاب بهم ماذا تصنع ، فأجيب بقوله : { لَو أنّ عندي ما تستعجلون به } الآية . وإذ قد كان قوله : { لو أنّ عندي } الخ استئنافاً بيانياً فالأمر بأن يقوله في قوة الاستئناف البياني لأنّ الكلام لمَّا بني كلّه على تلقين الرسول ما يقوله لهم فالسائل يتطلّب من الملقّن ماذا سيلقّن به رسوله إليهم . ومعنى { عندي ما تستعجلون به } تقدّم آنفاً ، أي لو كان في علمي حكمته وفي قدرتي فعله . وهذا كناية عن معنى لَسْتُ إلهاً ولكنَّني عبد أتَّبع ما يوحى إليَّ .

وقوله : { لقُضي الأمر بيني وبينكم } جواب { لو } . فمعنى { قضي } تمّ وانتهى . والأمر مراد به النزاع والخلاف . فالتعريف فيه للعهد ، وبُني { قضي الأمر } للمجهول لظهور أنّ قاضيَه هو مَن بيده ما يستعجلون به .

وتركيب ( قضي الأمر ) شاع فجرى مجرى المثل ، فحُذف الفاعل ليصلح التمثّل به في كلّ مقام ، ومنه قوله : { قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان } [ يوسف : 41 ] وقوله : { ولولا كلمة الفصل لقُضيَ بينهم } [ الشورى : 21 ] وقوله : { وأنذرهم يومَ الحسرة إذ قُضي الأمر } [ مريم : 39 ] ؛ ولذلك إذا جاء في غير طريقة المثل يصرّح بفاعله كقوله تعالى : { وقَضيْنا إليه ذلك الأمر } [ الحجر : 66 ] .

وذلك القضاء يحتمل أموراً : منها أن يأتيهم بالآية المقتَرَحَة فيؤمنوا ، أوْ أن يغضَب فيهلكهم ، أو أن يصرف قلوبهم عن طلب ما لا يجيبهم إليه فيتوبوا ويرجعوا .

وجملة : { والله أعلم بالظالمين } تذييل ، أي الله أعلم منِّي ومن كلّ أحد بحكمة تأخير العذاب وبوقت نزوله ، لأنَّه العليم الخبير الذي عنده ما تستعجلون به . والتعبير { بالظالمين } إظهار في مقام ضمير الخطاب لإشعارهم بأنَّهم ظالمون في شركهم إذ اعتدوا على حقّ الله ، وظالمون في تكذيبهم إذ اعتدوا على حقّ الله ورسوله ، وظالمون في معاملتهم الرسول صلى الله عليه وسلم .