المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (62)

62- تنبهوا - أيها الناس - واعلموا أن الموالين لله بالإيمان والطاعة يحبهم ويحبونه ، لا خوف عليهم من الخزي في الدنيا ، ولا من العذاب في الآخرة ، وهم لا يحزنون على ما فاتهم من عرض الدنيا ؛ لأن لهم عند الله ما هو أعظم من ذلك وأكثر .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (62)

قوله تعالى : { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } واختلفوا فيمن يستحق هذا الاسم . قال بعضهم : هم الذين ذكرهم الله تعالى فقال :{ الذين آمنوا وكانوا يتقون } ، وقال قوم : هم المتحابون في الله .

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو الحسن علي بن محمد بن بشران ، أنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن ابن أبي حسين عن شهر بن حوشب ، عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " إن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء لقربهم ومقعدهم من الله يوم القيامة ، قال : وفي ناحية القوم أعرابي فجثا على ركبتيه ورمى بيديه ثم قال : حدثنا يا رسول الله عنهم من هم ؟ قال : فرأيت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم البشر ، فقال : هم عباد من عباد الله من بلدان شتى وقبائل ، لم يكن بينهم أرحام يتواصلون بها ، ولا دنيا يتباذلون بها ، يتحابون بروح الله ، يجعل الله وجوههم نورا ، ويجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الرحمن ، يفزع الناس ولا يفزعون ، ويخاف الناس ولا يخافون " . ورواه عبد الله بن المبارك عن عبد الحميد بن بهرام قال : حدثنا شهر بن حوشب ، حدثني عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم " سئل ! من أولياء الله ؟ فقال : الذين إذا رؤوا ذكر الله " . ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم : " قال الله تعالى : { إن أوليائي من عبادي الذين يذكرون بذكري وأذكر بذكرهم } " .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (62)

{ 62 - 64 ْ } { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ْ }

يخبر تعالى عن أوليائه وأحبائه ، ويذكر أعمالهم وأوصافهم ، وثوابهم فقال : { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ْ } فيما يستقبلونه مما أمامهم من المخاوف والأهوال .

{ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ْ } على ما أسلفوا ، لأنهم لم يسلفوا إلا صالح الأعمال ، وإذا كانوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، ثبت لهم الأمن والسعادة ، والخير الكثير الذي لا يعلمه إلا الله تعالى .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (62)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَلآ إِنّ أَوْلِيَآءَ اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ألا إن أنصار الله لا خوف عليهم في الاَخرة من عقاب الله لأن الله رضي عنهم فآمنهم من عقابه ، وَلا هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا . والأولياء جمع وليّ ، وهو النصير . وقد بيّنا ذلك بشواهده .

واختلف أهل التأويل فيمن يستحقّ هذا الاسم ، فقال بعضهم : هم قوم يُذكر الله لرؤيتهم لما عليهم من سيما الخير والإخبات . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب وابن وكيع ، قالا : حدثنا ابن يمان ، قال : حدثنا ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن مقسم ، وسعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ألا إنّ أوْلِياءَ اللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ قال : الذين يذكر الله لرؤيتهم .

حدثنا أبو كريب وأبو هشام قالا : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث بن إسحاق ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، مثله .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن العلاء بن المسيب ، عن أبي الضحى ، مثله .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه : ألا إنّ أوْلِياءَ اللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ قال : الذين يذكر الله لرؤيتهم .

قال : حدثنا ابن مهدي وعبيد الله ، عن سفيان ، عن العلاء بن المسيب ، عن أبي الضحى ، قال : سمعته يقول في هذه الآية : ألا إنّ أوْلِياءَ اللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ قال : من الناس مفاتيح أذا رُؤوا ذكر الله لرؤيتهم .

قال : حدثنا أبي ، عن مسعر ، عن سهل بن الأسد ، عن سعيد بن جبير ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولياء الله ، فقال «الّذِينَ إذا رُؤُوا ذُكِرَ اللّهُ » .

قال : حدثنا زيد بن حباب ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي وائل ، عن عبد الله : ألا إنّ أوْلِياءَ اللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ قال : الذين إذا رُؤُوا ذكر الله لرؤيتهم .

قال : حدثنا أبو يزيد الرازي ، عن يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال «هُمُ الّذِينَ إذا رُؤُوا ذُكِرَ اللّهُ » .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا فرات ، عن أبي سعد ، عن سعيد بن جبير ، قال : سئل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن أولياء الله ، قال : «هُمُ الّذِينَ إذا رُؤُوا ذُكِرَ اللّهُ » .

قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا العوّام ، عن عبد الله بن أبي الهذيل في قوله : ألا إنّ أوْلِياءَ اللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ . . . الآية ، قال : إن وليّ الله إذا رُؤي ذكر الله .

وقال آخرون في ذلك بما :

حدثنا أبو هاشم الرفاعي ، قال : حدثنا ابن فضيل ، قال : حدثنا أبي عن عمارة بن القعقاع الضبي ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير البجلي ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ مِنْ عِبادِ اللّهِ عِبادا يَغْبِطُهُمُ الأنْبِياءُ والشهَدَاءُ » . قيل : من هم يا رسول الله ، فلعلنا نحبهّم ؟ قال : «هُمْ قَوْمٌ تَحابّوا في اللّهِ مِنْ غيرِ أمْوَالٍ وَلا أنْسابٍ ، وُجُوهُهُمْ مِنْ نُور ، على مَنابِرَ مِنْ نُور ، لا يَخافُونَ إذَا خافَ النّاسُ ، وَلا يَحْزَنُونَ إذَا حَزَنَ النّاس » وقرأ : ألا إنّ أوْلِياءَ اللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن عمارة ، عن أبي زرعة ، عن عمر بن الخطاب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ مِنْ عِبادِ اللّهِ لاَناسا ما هُمْ بأَنْبِياءَ وَلا شُهَدَاءَ ، يغَبْطِهِمُ الأَنْبِياءُ والشّهَدَاءُ يَوْمَ القِيامَةِ بِمَكانِهِمْ مِنَ اللّهِ » . قالوا : يا رسول الله أخبرنا من هم ، وما أعمالهم ، فإنا نحبهم لذلك ؟ قال : «هُمْ قَوْمٌ تَحابّوا فِي اللّهِ بِرُوحِ اللّهِ على غيرِ أرْحامِ بَيْنَهُمْ وَلا أمْوَال يَتَعاطُوَنها ، فَوَاللّهِ إنّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ ، وإنّهُمْ لَعَلى نُور ، لا يَخافونَ إذَا خافَ النّاسُ وَلا يَحْزَنُونَ إذَا حَزَنَ النّاسُ » . وقرأ هذه الآية : ألا إنّ أوْلِياءَ اللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ .

حدثنا بحر بن نصر الخولاني ، قال : حدثنا يحيى بن حسان ، قال : حدثنا عبد الحميد بن بهرام ، قال : حدثنا شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن أبي مالك الأشعري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يَأْتِي مِنْ أفناءِ النّاسِ ونَوَازِعِ القَبائِلِ قَوْمٌ لَمْ يَتّصِلْ بَيْنَهُمْ أرْحامٌ مُتَقارِبَةٌ ، تَحابّوا فِي اللّهِ وَتَصَافَوْا فِي اللّهِ يَضَعُ اللّهُ لَهُمْ يَومَ القِيامَةِ مَنابِرَ مِنْ نُورٍ فَيُجْلِسُهُمْ عَلَيْها ، يَفْزَعُ النّاسُ فَلا يَفْزَعُونَ ، وَهُمْ أوْلِياءُ اللّهِ الّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ » .

والصواب من القول في ذلك أن يقال : الوليّ ، أعني وليّ الله ، هو من كان بالصفة التي وصفه الله بها ، وهو الذي آمن واتقى ، كما قال الله : الّذِينَ آمَنُوا وكانُوا يَتّقُونَ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، كان ابن زيد يقول :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ألا إنّ أوْلِياءَ اللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ من هم يا ربّ ؟ قال : الّذِينَ آمَنُوا وكانُوا يَتّقُونَ قال : أبى أن يتقبل الإيمان إلا بالتقوى .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (62)

{ ألا إن أولياء الله } الذين يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة . { لا خوف عليهم } من لحوق مكروه . { ولا هم يحزنون } لفوات مأمول . والآية كمجمل فسره قوله : { الذين آمنوا وكانوا يتقون } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (62)

و { ألا } استفتاح وتنبيه ، و { أولياء الله } هم المؤمنون الذين والوه بالطاعة والعبادة ، وهذه الآية يعطي ظاهرها أن من آمن واتقى فهو داخل في أولياء الله ، وهذا هو الذي تقتضيه الشريعة في الولي ، وإنما نبهنا هذا التنبيه حذراً من بعض الوصفية وبعض الملحدين في الولي{[6149]} ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا سئل عن أولياء الله ؟ فقال : الذين إذا رأيتهم ذكرت الله{[6150]} .

قال القاضي أبو محمد : وهذا وصف لازم للمتقين لأنهم يخشعون ويخشعون ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً أنه قال : «أولياء الله قوم تحابوا في الله واجتمعوا في ذاته لم تجمعهم قرابة ولا مال يتعاطونه »{[6151]} وقوله { لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } يحتمل أن يكون في الآخرة ، أي لا يهتمون بهمها ولا يخافون عذاباً ولا عقاباً ولا يحزنون لذلك ، ويحتمل أن يكون ذلك في الدنيا أي لا يخافون أحداً من أهل الدنيا ولا من أعراضها ولا يحزنون على ما فاتهم منها ، والأول أظهر والعموم في ذلك صحيح لا يخافون في الآخرة جملة ولا في الدنيا الخوف الدنياوي الذي هو في فوت آمالها وزوال منازلها وكذلك في الحزن ، وذكر الطبري عن جماعة من العلماء مثل ما في الحديث من الأولياء الذين إذا رآهم أحد ذكر الله ، وروي فيهم حديث : «إن أولياء الله هم قوم يتحابون في الله وتجعل لهم يوم القيامة منابر من نور وتنير وجوههم ، فهم في عرصة القيامة لا يخافون ولا يحزنون »{[6152]} وروي عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن من عباد الله عباداً ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء بمكانهم من الله قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام ولا أموال » ، الحديث ، ثم قرأ { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون }{[6153]} .


[6149]:- يشير بذلك إلى ما يرويه بعض الناس من أن الولي أفضل من النبي، هناك عبارات نقلت عن بعض المتصوفين تحمل مثل هذه المعاني.
[6150]:- أخرجه ابن المبارك، والحكيم والترمذي في نوادر الأصول، والبزار، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولفظه: (قيل: يا رسول الله من أولياء الله؟ قال: الذين إذا رؤوا ذكر الله)، وروى ابن الشيخ مثله عن سهل بن الأسد. وتعددت رواياته من طرق عدة في صيغ قريب بعضها من بعض.
[6151]:-أخرج ابن أبي شيبة عن العلاء بن زياد رضي الله عنه عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (عباد من عباد الله ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بقربهم من الله على منابر من نور، يقول الأنبياء والشهداء: من هؤلاء؟ فيقول: هؤلاء كانوا يتحابون في الله على غير أموال يتعاطونها ولا أرحام كانت بينهم).
[6152]:- الحديث مروي من عدة طرق مع اختلاف في بعض الألفاظ باختلاف الرواة.
[6153]:- رواه ابن جرير عن أبي زرعة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأخرجه أبو داود، وهناد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر رضي الله عنه. (تفسير ابن جرير، والدر المنثور).