الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (62)

أخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب قال : قال الحواريون : يا عيسى من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ؟ قال عيسى عليه السلام : الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها ، والذين نظروا إلى آجل الدنيا حين نظر الناس إلى عاجلها ، وأماتوا منها ما يخشون أن يميتهم وتركوا ما علموا أن سيتركهم ، فصار استكثارهم منها استقلالاً وذكرهم إياها فواتاً ، وفرحهم بما أصابوا منها حزناً ، وما عارضهم من نائلها رفضوه ، وما عارضهم من رفعتها بغير الحق وضعوه ، خلقت الدنيا عندهم فليس يجددونها ، وخربت بينهم فليس يعمرونها ، وماتت في صدورهم فليس يحبونها ، يهدمونها فيبنون بها آخرتهم ، ويبيعونها فيشترون بها ما يبقى لهم ، ويرفضونها فكانوا برفضها هم الفرحين ، وباعوها فكانوا ببيعها هم المربحين ، ونظروا إلى أهلها صرعى قد خلت فيهم المثلات فأحبوا ذكر الموت وتركوا ذكر الحياة ، يحبون الله تعالى ويستضيئون بنوره ويضيئون به ، لهم خبر عجيب وعندهم الخبر العجيب ، بهم قام الكتاب وبه قاموا ، وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا ، وبهم علم الكتاب وبه علموا ، ليسوا يرون نائلاً مع ما نالوا ، ولا أماني دون ما يرجون ، ولا خوفاً دون ما يحذرون .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } قال : هم الذين إذا رُؤُوا ذُكِرَ الله .

وأخرج الطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً وموقوفاً { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } قال « هم الذين إذا رُؤُوا يذكر الله لرؤيتهم » .

وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه « عن النبي صلى الله عليه وسلم { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } قال » يذكر الله لرؤيتهم » .

وأخرج ابن المبارك والحكيم والترمذي في نوادر الأصول والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قيل يا رسول الله من أولياء الله ؟ قال«الذين إذا رُؤُوا ذُكِرَ الله » .

وأخرج أبو الشيخ من طريق مسعر عن سهل بن الأسد رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولياء الله ؟ قال «الذين إذا رُؤُوا ذكر الله » .

وأخرج ابن مردويه من طريق مسعر بن بكر بن الأخنس عن سعد رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولياء الله ؟ قال «الذين إذا رُؤُوا ذكر الله » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الضحى رضي الله عنه في قوله { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } قال : هم « الذين إذا رؤُوا ذكر الله » .

وأخرج أحمد وابن ماجة والحكيم الترمذي وابن مردويه عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ألا أخبركم بخياركم ؟ قالوا : بلى . قال : خياركم الذين إذا رُؤُوا ذكر الله » .

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعاً « إن لله عباداً ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء يوم القيامة بقربهم ومجلسهم منه ، فجثا أعرابي على ركبيته فقال : يا رسول الله صفهم لنا حلهم لنا . قال : قوم من إفناء الناس من نزاع القبائل تصادقوا في الله وتحابوا في الله ، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم ، يخاف الناس ولا يخافون ، هم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون » .

وأخرج أحمد والحكيم الترمذي عن عمرو بن الجموح رضي الله عنه « إنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لا يحق العبد حق صريح الإِيمان حتى يحب لله ويبغض لله تعالى ، فإذا أحب لله وأبغض لله فقد استحق الولاء من الله ، وإن أوليائي من عبادي وأحبائي من خلقي الذين يذكرون بذكري واذكر بذكرهم » .

وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن غنم رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم « خيار عباد الله الذين إذا رُؤُوا ذكر الله ، وشر عباد الله المشَّاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الباغون البرآء العنت » .

وأخرج الحكيم الترمذي عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « خياركم من ذكركم الله رؤيته ، وزاد في علمكم منطقه ، ورغبكم في الآخرة عمله » .

وأخرج الحكيم الترمذي « عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قيل : يا رسول الله أي جلسائنا خير ؟ قال : من ذكركم الله رؤيته ، وزاد في أعمالكم منطقه ، وذكركم الآخرة عمله » .

وأخرج الحكيم الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : قالوا : يا رسول الله أينا أفضل كي نتخذه جليساً معلماً ؟ قال : «الذي إذا رُئي ذكر الله برؤيته » .

وأخرج أبو داود وهناد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإِيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن من عباد الله ناساً يغبطهم الأنبياء والشهداء ، قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : قوم تحابوا في الله من غير أموال ولا أنساب ، لا يفزعون إذا فزع الناس ولا يحزنون إذا حزنوا ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } » .

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن من عباد الله عباداً يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله . قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : قوم تحابوا في الله من غير أموال ولا أنساب ، وجوههم نور على منابر من نور ، لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس ، ثم قرأ { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } » .

وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا في كتاب الأخوان وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن لله عباداً ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم النبيون والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله . قال أعرابي ، يا رسول الله أنعتهم لنا . قال : هم أناس من أبناء الناس ونوازع القبائل لم تصل بينهم أرحام متقاربة ، تحابوا في الله وتصافوا في الله ، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسون عليها ، يفزع الناس ولا هم يفزعون وهم أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون » .

وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء رضي الله عنه «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله تعالى : حقت محبتي للمتحابين فيّ ، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ ، وحقت محبتي للمتجالسين فيّ ، الذين يعمرون مساجدي بذكري ، ويعلمون الناس الخير ، ويدعونهم إلى طاعتي ، أولئك أوليائي الذين أظلهم في ظل عرشي ، وأسكنهم في جواري ، وآمنهم من عذابي ، وأدخلهم الجنة قبل الناس بخمسمائة عام ، يتنعمون فيها وهم فيها خالدون ، ثم قرأ نبي الله صلى الله عليه وسلم { أَلا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } » .

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى { أَلا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } قال « الذين يتحابون في الله » .

وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } قال « هم الذين يتحابون في الله » .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبدالله بن أحمد في زوائد المسند عن أبي مسلم رضي الله عنه قال : لقيت معاذ بن جبل رضي الله عنه بحمص فقلت : والله إني لأحبك لله .

قال : أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء ، ثم خرجت فلقيت عبادة بن الصامت رضي الله عنه فحدثته بالذي قال معاذ ، فقال عبادة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يروي عن ربه عز وجل أنه قال : حقت محبتي للمتحابين فيّ ، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ ، وحقت محبتي للمتباذلين فيّ ، على منابر من نور يغبطهم النبيون والصديقون » .

وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن مسعود رضي الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن للمتحابين في الله تعالى عموداً من ياقوتة حمراء في رأس العمود سبعون ألف غرفة ، يضيء حسنهم أهل الجنة كما تضيء الشمس أهل الدنيا ، يقول بعضهم لبعض : انطلقوا بنا حتى ننظر إلى المتحابين في الله ، فإذا أشرفوا عليها أضاء حسنهم أهل الجنة كما تضيء الشمس لأهل الدنيا ، عليهم ثياب خضر من سندس ، مكتوب على جباههم هؤلاء المتحابون في الله » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط رضي الله عنه أنبئت أن عن يمين الرحمن - وكلتا يديه يمين - قوماً على منابر من نور وجوههم نور ، عليهم ثياب خضر تغشي أبصار الناظرين رؤيتهم ، ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، قوم تحابوا في جلال الله حين عصيَ الله في الأرض .

وأخرج ابن أبي شيبة عن العلاء بن زياد رضي الله عنه عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال « عباد من عباد الله ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة يقربهم من الله على منابر من نور ، يقول الأنبياء والشهداء : من هؤلاء ؟ فيقول : هؤلاء كانوا يتحابون في الله على غير أموال يتعاطونها ولا أرحام كانت بينهم » .

وأخرج أحمد عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن المتحابين لنرى غرفهم في الجنة كالكوكب الطالع الشرقي أو الغربي ، فيقال : من هؤلاء ؟ فيقال : المتحابون في الله تعالى » .