معاني القرآن للفراء - الفراء  
{أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (62)

وقوله : { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ }

( الذين ) في موضع رفع ؛ لأنه نعت جاء بعد خبر إنْ ؛ كما قال { إِن ذلِكَ لَحَقٌّ تخاصُمُ أَهْلِ النارِ } وكما قال { قُلْ إِنَّ رَبِّى يَقْذِفُ بِالحَقِّ عَلاَّمُ الغُيُوبِ } والنصب في كل ذلك جائز على الإتباع للاسم الأوّل وعلى تكرير ( إنّ ) .

وإنما رفعت العرب النعوت إذا جاءت بعد الأفاعيل في ( إنّ ) لأنهم رأوا الفعل مرفوعا ، فتوهّموا أن صاحبه مرفوع في المعنى - لأنهم لم يجدوا في تصريف المنصوب اسما منصوبا وفعله مرفوع - فرفعوا النعت . وكان الكسائي يقول : جعلته - يعنى النعت - تابعا للاسم المضمر في الفعل ؛ وهو خطأ وليس بجائز ؛ لأن ( الظريف ) وما أشبهه أسماء ظاهرة ، ولا يكون الظاهر نعتا لمكنىّ إلا ما كان مثل نفسه وأنفسهم ، وأجمعين ، وكلهم ؛ لأن هذه إنما تكون أطرافا لأواخر الكلام ؛ لا يقال مررت بأجمعين ، كما يقال مررت بالظريف .