البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (62)

أولياء الله هم الذين يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة .

وقد فسر ذلك في قوله : { الذين آمنوا وكانوا يتقون } وعن سعيد بن جبير : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أولياء الله فقال : «هم الذين يذكرون الله برؤيتهم » يعني السمت والهيئة " وعن ابن عباس : الإخبات والسكينة .

وقيل : هم المتحابون في الله .

قال ابن عطية : وهذه الآية يعطي ظاهرها أن من آمن واتقى فهو داخل في أولياء الله ، وهذا هو الذي تقتضيه الشريعة في الولي ، وإنما نبهنا هذا التنبيه حذراً من مذهب الصوفية وبعض الملحدين في الولي انتهى .

وإنما قال : حذرا من مذهب الصوفية ، لأن بعضهم نقل عنه أنّ الولي أفضل من النبي ، وهذا لا يكاد يخطر في قلب مسلم .

ولابن العربي الطائي كلام في الولي وفي غيره نعوذ بالله منه .

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنّ من عباد الله عباداً ما هم بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم الأنبياء والشهداء بمكانهم من الله » قالوا : يا رسول الله ومن هم ؟ قال : «قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام ولا أموال يتعاطونها ، فوالله إنّ وجوههم لتنور ، وإنهم لعلى منابر من نور ، لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس ، ثم قرأ : ألا إن أولياء الله " الآية وتقدم تفسير لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .

والذين يحتمل أن يكون منصوباً على الصفة قاله الزمخشري ، أو على البدل قاله ابن عطية ، أو بإضمار أمدح ، ومرفوعاً على إضمارهم ، أو على الابتداء ، والخبر لهم البشرى .

وأجاز الكوفيون رفعه على موضع أولياء نعتاً ، أو بدلاً ، وأجيز فيه الخبر بدلاً من ضمير عليهم .