فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (62)

ثم لما بين سبحانه إحاطته بجميع الأشياء وكان في ذلك تقوية لقلوب المطيعين وكسر لقلوب العاصين ، ذكر حال المطيعين فقال : { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم } الولي في اللغة ضد العدو فهو المحب ، ومحبة العباد لله طاعتهم له ، ومحبته لهم إكرامه إياهم وعلى الأول يكون فعيل بمعنى فاعل وعلى الثاني بمعنى مفعول فهو مشترك بينهما ، وتركيب الواو واللام والياء يدل على معنى القرب فولي كل شيء هو الذي يكون قريبا منه .

والمراد بالأولياء خلص المؤمنين كأنهم قربوا من الله سبحانه بطاعته واجتناب معصيته والمراد بنفي الخوف عنهم أنهم لا يخافون أبدا كما يخاف غيرهم لأنهم قد قدموا بما أوجب الله عليهم وانتهوا عن المعاصي التي نهاهم عنها ، فهم على ثقة من أنفسهم وحسن ظن بربهم .

وكذلك { ولا هم يحزنون } على فوت مطلب من المطالب لأنهم يعلمون أن ذلك بقضاء الله وقدره فيسلمون للقضاء والقدر ويريحون قلوبهم عن الهم والكدر فصدورهم منشرحة وجوارحهم نشيطة وقلوبهم مسرورة .