النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (62)

قوله عز وجل : { أَلاَّ إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } في { أَوْلِيَاءَ اللَّهِ } هاهنا خمسة أقاويل :

أحدها : أنهم أهل ولايته والمستحقون لكرامته ، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير .

الثاني : هم { الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } .

الثالث : هم الراضون بالقضاء ، والصابرون على البلاء ، والشاكرون على النعماء .

الرابع : هم من توالت أفعالهم على موافقة الحق .

الخامس : هم المتحابون في الله تعالى .

روى جرير عن عمارة بن غزية عن أبي زرعة عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إِنَّ مِن عِبَادِ اللَّهِ أُنَاسَاً مَّا هُم بِأَنْبِيْاءٍ وَلاَ شُهَدَاءٍ يَغْبِطُهُم الأنبِياءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَمَكَانِهِم من اللَّهِ " قالوا : يا رسول الله خبّرنا من هم وما أعمالهم فإنا نحبهم لذلك ، قال : " هُمْ قَوْمٌ تَحابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُم وَلاَ أَمْوَالٍ يَتَعَاطَونَهَا . فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُم لَعَلَى مَنَابَرَ مِن نُّورٍ لاَ يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلاَ يَحْزَنُونَ إِذَا حِزَنَ النَّاسُ " وقرأ { أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيهمِ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }{[1334]} .

وفيه وجهان : أحدهما : لا يخافون على ذريتهم فإن الله تعالى يتولاهم ولا هم يحزنون على دنياهم لأن الله تعالى يعوضهم عنها ، وهو محتمل .

الثاني : لا خوف عليهم في الآخرة ولا هم يحزنون عند الموت{[1335]} .


[1334]:أخرجه الطبري وأبو نعيم في الحلية. والبيهقي في الشعب.
[1335]:سقط من ق.