ثم قال تعالى : { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ } أي : مضت { لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ } أي : كل له عمله ، وكل سيجازى بما فعله ، لا يؤخذ{[101]} أحد بذنب أحد ولا ينفع أحدا إلا إيمانه وتقواه فاشتغالكم بهم وادعاؤكم ، أنكم على ملتهم ، والرضا بمجرد القول ، أمر فارغ لا حقيقة له ، بل الواجب عليكم ، أن تنظروا حالتكم التي أنتم عليها ، هل تصلح للنجاة أم لا ؟
{ تِلْكَ أُمّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
يعني تعالى ذكره بقوله : { تِلْكَ أُمّةٌ قَدْ خَلَتْ } : إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وولدهم . يقول لليهود والنصارى : يا معشر اليهود والنصارى دعوا ذكر إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والمسلمين من أولادهم بغير ما هم أهله ولا تنحلوهم كفر اليهودية والنصرانية فتضيفوها إليهم ، فإنهم أمة ويعني بالأمة في هذا الموضع الجماعة ، والقرن من الناس قد خلت : مضت لسبيلها . وإنما قيل للذي قد مات فذهب : قد خلا ، لتخلّيه من الدنيا ، وانفراده بما كان من الأنس بأهله وقرنائه في دنياه ، وأصله من قولهم : خلا الرجل ، إذا صار بالمكان الذي لا أنيس له فيه وانفرد من الناس ، فاستعمل ذلك في الذي يموت على ذلك الوجه . ثم قال تعالى ذكره لليهود والنصارى : إنّ لمن نحلتموه بضلالكم وكفركم الذي أنتم عليه من أنبيائي ورسلي ما كسبت . والهاء والألف في قوله : لَهَا عائدة إن شئت على «تلك » ، وإن شئت على «الأمة » .
ويعني بقوله : { لَهَا مَا كَسَبَتْ } أي ما عملت من خير ، ولكم يا معشر اليهود والنصارى مثل ذلك ما عملتم . ولا تؤاخذون أنتم أيها الناحلون ما نحلتموهم من الملل ، فتُسألوا عما كان إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وولدهم يعملون فيكسبون من خير وشرّ لأن لكل نفس ما كسبت ، وعليها ما اكتسبت . فدعوا انتحالهم وانتحال مللهم ، فإن الدعاوى غير مغنيتكم عند الله ، وإنما يغني عنكم عنده ما سلف لكم من صالح أعمالكم إن كنتم عملتموها وقدمتموها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.