محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{تِلۡكَ أُمَّةٞ قَدۡ خَلَتۡۖ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ وَلَا تُسۡـَٔلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (134)

{ تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون 134 } .

{ تلك } إشارة إلى إبراهيم ويعقوب وبنيهما الموحدين { أمة } أي جيل وجماعة { قد خلت } أي سلفت ومضت { لها ما كسبت } في إسلامها من الاعتقادات والأعمال والأخلاق { ولكم ما كسبتم } أي مما أنتم عليه من الهوى خاص بكم ، لا يسألون هم عن أعمالكم { ولا تسألون عما كانوا يعملون } والمعنى أن أحدا لا ينفعه كسب غيره متقدما كان أو متأخرا . فكما أن أولئك لا ينفعهم إلا ما اكتسبوا ، فكذلك أنتم لا ينفعكم إلا ما اكتسبتم . فما اقتص عليكم أخبارهم ، وما كانوا عليه من الإسلام والدعوة إليه ، إلا لتفعلوا ما فعلوه ، فتنتفعوا . وإن أبيتم ، لم تنتفعوا بأعمالهم .

قال الرازي : الآية دالة على بطلان التقليد ، لأن قوله : { لها ما كسبت } يدل على أن كسب كل أحد يختص به ، ولا ينتفع به غيره ، ولو كان التقليد جائزا ، لكان كسب المتبوع نافعا للتابع ، فكأنه قال : إني ما ذكرت حكاية أحوالهم طلبا منكم أن تقلدوهم ، ولكن لتنبَّهُوا على ما يلزمكم ، فتستدلوا وتعلموا أن ما كانوا عليه من الملة هو الحق . انتهى .

ومعلوم أن إتباع الأنبياء عليهم السلام ، والإيمان بهم ، لا يسمى تقليدا ، لخروجه عن حده المقرر في كتب الأصول .