{ والأرض بعد ذلك } بعد خلق السماء { دحاها } بسطها ، والدحو : البسط . قال ابن عباس : خلق الله الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء ، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات ، ثم دحا الأرض بعد ذلك . وقيل : معناه : والأرض مع ذلك دحاها ، كقوله عز وجل : { عتل بعد ذلك زنيم }( القلم- 13 ) ، أي مع ذلك . { أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم . }
ثم انتقلت الآيات الكريمة من الاستدلال على قدرته - تعالى - عن طريق خلق السماء ، إلى الاستدلال على قدرته عن طريق خلق الأرض فقال : { والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } .
ولفظ " الأرض " منصوب على الاشتغال . واسم الإِشارة " ذلك " يعود إلى خلق السماء وتسويتها ورفعها وإغطاش ليلها . وقوله { دَحَاهَا } من الدحو بمعنى البسط ، تقول : دحوت الشئ أدحوه ، إذا بسطته . .
أى : خلق - سبحانه - السماء وسواها ، وأغطش ليلها وأخرج ضحاها ، والأرض بعد كل ذلك الخلق البديع للسماء ، بسطها وأوسعها لتكون مستقرا لكم وموضعا لتقبلكم عليها . .
وقد أخذ بعض العلماء من هذه الآية ، تأخر خلق الأرض عن خلق السماء . .
وجمهور العلماء على أن خلق الأرض متقدم على خلق السماء ، بدليل قوله - تعالى - : { هُوَ الذي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي الأرض جَمِيعاً ثُمَّ استوى إِلَى السمآء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } قالوا فى الجمع بين هذه الآية التى معنا ، وبين آية سورة البقرة ، بما روى عن ابن عباس من أنه سئل عن الجمع بين هاتين الآيتين فقال : خلق الله - تعالى - الأرض أولا غير مدحوة ، ثم خلق السماء ، ثم دحا الأرض بعد ذلك ، وجعل فيها الرواسى والأنهار وغيرهما . أى : أن أصل خلق الأرض كان قبل خلق السماء ، ودحوها بجبالها وأشجارها ، كان بعد خلق السماء .
وقالوا - أيضا - فى وجه الجمع ، إن لفظ بعد فى قوله - تعالى - { بَعْدَ ذَلِكَ } بمعنى مع . أى : والأرض مع ذلك بسطها ومهدها لسكنى أهلها فيها . .
وقدم - سبحانه - هنا خلق السماء على الأرض ، لأنه أدل على القدرة الباهرة ، لعظم السماء وانطوائها على الأعاجيب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.