وقوله - سبحانه - : { والذي أَخْرَجَ المرعى . فَجَعَلَهُ غُثَآءً أحوى } بيان لمظهر آخر من مظاهر قدرته - تعالى - ، التى لا يعجزها شئ .
والمرعى : النبات الذى ترعاه الحيوانات ، وهو اسم مكان للأرض الذى يوجد فيها النبات .
والغثاء : هو اليابس الجاف من النبات الذى ترعاه المواشى .
والأحوى : أى : المائل إلى السواد ، مأخوذ من الحُوَّة - بضم الحاء مع تشديد الواو المفتوحة - وهى لون يكون بين السواد والخضرة أو الحمرة . ووصف الغثاء بأنه أحوى ، لأنه إذا طال عليه الزمن ، وأصابته المياه ، اسود وتعفن فصار أحوى .
أى : وهو - سبحانه - وحده ، الذى أنبت النبات الذى ترعاه الدواب ، حالة كون هذا النبات أخضر رطبا . ثم يحوله بقدرته - تعالى - بعد حين إلى نبات يابس جاف .
وهذا من أكبر الأدلة المشاهدة ، على أنه - تعالى - يتصرف فى خلقه كما يشاء ، فهو القادر على تحويل الزرع الأخضر إلى زرع يابس جاف ، كما أنه قادر على إحياء الإِنسان بعد موته .
فالمقصود من هذه الآيات الكريمة ، الإِرشاد إلى كمال قدرته ، وتنوع نعمه - سبحانه - ، حتى يزداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم ، وحتى يعود الكافرون إلى رشدهم بعد هذا البيان الواضح الحكيم .
{ فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى } قال ابن عباس : هشيما متغيرا . وعن مجاهد ، وقتادة ، وابن زيد ، نحوه .
قال ابن جرير : وكان بعض أهل العلم بكلام العرب{[29970]} يرى أن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم ، وأن معنى الكلام : والذي أخرج المرعى أحوى ، أي : أخضر إلى السواد ، فجعله غثاء بعد ذلك . ثم قال ابن جرير : وهذا وإن كان محتملا إلا أنه غير صواب ؛ لمخالفته أقوال أهل التأويل .
و «الغثاء » ما يبس وجف وتحطم من النبات ، وهو الذي يحمله السيل ، وبه يشبه الناس الذين لا قدر لهم ، و «الأحوى » : قيل هو الأخضر الذي عليه سواد من شدة الخضرة والغضارة ، وقيل هو الأسود سواداً يضرب إلى الخضرة ومنه قول ذي الرمة : [ البسيط ]
لمياء في شفتيها حوّة لعس . . . وفي اللثاث وفي أنيابها شنب{[11748]}
قال قتادة : تقدير هذه الآية { أخرج المرعى } ، { أحوى } أسود من خضرته ونضارته ، { فجعله غثاء } عند يبسه ، ف { أحوى } حال ، وقال ابن عباس : المعنى { فجعله غثاء أحوى } أي أسود ، لأن الغثاء إذا قدم وأصابته الأمطار اسود وتعفن فصار { أحوى } بهذه الصفة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.