النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَجَعَلَهُۥ غُثَآءً أَحۡوَىٰ} (5)

{ فَجَعَلهُ غُثاءً أَحْوَى } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أن الغثاء ما يبس من النبات حتى صار هشيماً تذروه الرياح .

والأحوى : الأسود ، قال ذو الرمة :

لمياءُ في شَفَتَيْها حُوَّةٌ لَعَسٌ *** وفي اللّثاتِ وفي أنْيابها شَنَبُ

وهذا معنى قول مجاهد .

الثاني : أن الغثاء ما احتمل السيل من النبات ، والأحوى : المتغير ، وهذا معنى قول السدي .

الثالث : أن في الكلام تقديماً وتأخيراً ، ومعناه أحوى فصار غثاء ، والأحوى : ألوان النبات الحي من أخضر وأحمر وأصفر وأبيض ، ويعبر عن جميعه بالسواد كما سمي به سواد العراق ، وقال امرؤ القيس :

وغيثٍ دائمِ التهْتا *** نِ حاوى النبتِ أدْهم

والغثاء : الميت اليابس ، قال قتادة : وهو مثل ضربه الله تعالى للكفار لذهاب الدنيا بعد نضارتها .