الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَجَعَلَهُۥ غُثَآءً أَحۡوَىٰ} (5)

قوله : { غُثَآءً } : إمَّا مفعولٌ ثانٍ ، وإمَّا حالٌ . والغُثاء بتشديد الثاء وتخفيفِها وهو الفصيحُ ا يُقَدِّمُه السَّيْلُ على جوانبِ الوادي من النباتِ ونحوِه . قال امرؤ القيس :

كأنَّ ذُرا رأسِ المُجَيْمِرِ غُدوةً *** من السَّيْلِ والغُثَّاء فَلْكَةُ مِغْزَلِ

ورواه الفراءُ " والأَغْثاء " على الجمعِ . وفيه غرابةٌ من حيث جَمَعَ فُعالاً على أفْعال .

قوله : { أَحْوَى } فيه وجهان ، أظهرُهما : أنَّه نعتٌ ل " غُثاء " . والثاني : أنه حالٌ من " المَرْعَى " . قال أبو البقاء : " قَدَّم بعضَ الصلةِ " . قلت : يعني أنَّ الأصلَ أخرجَ المرعى أَحْوى فجعله غثاءً ، ولا يُسَمَّى هذا تقديماً لبعضِ الصلةِ . والأحْوى : أَفْعَلُ مِنْ الحُوَّة وهي سَوادٌ يَضْرِبُ إلى الخُضْرة . قال ذو الرَّمة :

لَمْياءُ في شَفَتَيْها حَوَّةٌ لَعَسٌ *** وفي اللِّثاتِ وفي أَنْيابِها شَنَبُ

وقد تقدَّم لك أنَّ بعضَ النحاةِ اسْتَدَلَّ على وجودِ بدلِ الغَلَطِ بهذا البيت . وقيل : خُضرةٌ عليها سوادٌ . والأَحْوى : الظَّبْيُ ؛ لأنَّ في ظهره خُطَّتَيْن . قال :

وفي الحَيِّ أَحْوَى يَنْفُضُ المَرْدَ شادِنٌ *** مُظاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وزَبَرْجَدِ

ويقال : رجلٌ أَحْوَى وامرأةٌ حَوَّاء . وجَمْعُهما حُوٌّ ، نحو : أحمر وحمراءُ وحُمْر .