ثم أخبره الله عز وجل عن حالته التي كان عليها قبل الوحي ، وذكر نعمه فقال جل ذكره : { ألم يجدك يتيماً فآوى }
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي فقال : أنبأني عبد الله بن حامد الأصفهاني ، أنبأنا محمد ابن عبد الله النيسابوري ، حدثنا محمد بن عيسى ، أنبأنا أبو عمرو الحوضي وأبو الربيع الزهراني ، عن حماد بن زيد ، عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سألت ربي مسألةً ووددت أني لم أكن سألته ، قلت : يا رب إنك آتيت سليمان بن داود ملكاً عظيماً ، وآتيت فلاناً كذا وآتيت فلاناً كذا ؟ قال : يا محمد ألم أجدك يتيماً فآويتك ؟ قلت : بلى ، أي رب قال : ألم أجدك ضالاً فهديتك ؟ قلت : بلى أي رب ، قال : ألم أجدك عائلاً فأغنيتك ؟ قلت : بلى أي رب " ، وزاد غيره عن حماد " قال : ألم أشرح لك صدرك ووضعت عنك وزرك ؟ قلت : بلى أي رب " . ومعنى الآية : ألم يجدك يتيماً صغيراً فقيراً حين مات أبواك ولم يخلفا لك مالاً ولا مأوىً ، فجعلت لك مأوىً تأوي إليه ، وضمك إلى عمك أبي طالب حتى أحسن تربيتك وكفاك المؤونة .
ثم امتن عليه بما يعلمه من أحواله{[1450]} [ الخاصة ] فقال :
{ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى } أي : وجدك لا أم لك ، ولا أب ، بل قد مات أبوه وأمه وهو لا يدبر نفسه ، فآواه الله ، وكفله جده عبد المطلب ، ثم لما مات جده كفله الله عمه أبا طالب ، حتى أيده بنصره وبالمؤمنين .
ثم عدد - سبحانه - نعمه على نبيه صلى الله عليه وسلم فقال : { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فآوى . . } .
والاستفهام هنا للتقرير : واليتيم : هو من فقد أباه وهو صغير .
أى : لقد كنت - أيها الرسول الكريم - يتيما ، حيث مات أبوك وأنت فى بطن أمك ، فآواك الله - تعالى - بفضله وكرمه ، وتعهدك برعايته وحمايته وعصمته ، وسخر لك جدك عبد المطلب ليقوم بكفالتك ، ومن بعده سخر لك عمك أبا طالب ، حيث تولى رعايتك والدفاع عنك قبل الرسالة وبعدها ، إلى أن مات .
ثم قال تعالى يعدد نعَمه عل عبده ورسوله محمد ، صلوات الله وسلامه عليه : { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى } وذلك أن أباه تُوفّي وهو حَملٌ في بطن أمه ، وقيل : بعد أن ولد ، عليه السلام ، ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين . ثم كان في كفالة جده عبد المطلب ، إلى أن توفي وله من العمر ثمان سنين ، فكفله عمه أبو طالب . ثم لم يزل يحوطه وينصره ويَرفع من قَدره وَيُوقّره ، ويكفّ عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره ، هذا وأبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان ، وكل ذلك بقدر الله وحُسن تدبيره ، إلى أن تُوفي أبو طالب قبل الهجرة بقليل ، فأقدم عليه سفهاء قريش وجُهالهم ، فاختار الله له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد الأنصار من الأوس والخزرج ، كما أجرى الله سُنَّته على الوجه الأتم والأكمل . فلما وصل إليهم آوَوه ونَصَرُوه وحاطوه وقاتلوا بين يديه ، رضي الله عنهم أجمعين ، وكل هذا من حفظ الله له وكلاءته وعنايته به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.