السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فَـَٔاوَىٰ} (6)

فقال جل ذكره : { ألم يجدك } وهو استفهام تقرير ، أي : وجدك { يتيماً } وذلك أنّ أباه مات وهو جنين قد أتت عليه ستة أشهر ، وقيل : مات قبل ولادته وماتت أمّه وهو ابن ثمان سنين . { فآوى } ، أي : بأن ضمك إلى عمك أبي طالب فأحسن تربيتك . وعن مجاهد : هو من قول العرب درة يتيمة إذا لم يكن لها نظير ، فالمعنى : ألم يجدك يتيماً واحداً في شرفك فآواك الله تعالى بأصحاب يحفظونك ويحوطونك . وهذا خلاف الظاهر من الآية ، ولهذا قال الزمخشري : ومن بدع التفاسير أنه من قولهم : درة يتيمة ، وأنّ المعنى : ألم يجدك واحداً في قريش عديم النظير فآواك . فإن قيل : كيف أنّ الله تعالى يمنّ بنعمه والمنّ بها لا يليق ، ولهذا ذمّ فرعون في قوله لموسى عليه السلام : { ألم نربك فينا وليداً } [ الشعراء : 18 ] ؟ أجيب : بأنّ ذلك يحسن إذا قصد به تقوية قلبه ووعده بدوام النعمة ، فامتنان الله تعالى زيادة نعمة بخلاف امتنان الآدمي .