تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فَـَٔاوَىٰ} (6)

ثم قال تعالى يعدد نعَمه عل عبده ورسوله محمد ، صلوات الله وسلامه عليه : { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى } وذلك أن أباه تُوفّي وهو حَملٌ في بطن أمه ، وقيل : بعد أن ولد ، عليه السلام ، ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين . ثم كان في كفالة جده عبد المطلب ، إلى أن توفي وله من العمر ثمان سنين ، فكفله عمه أبو طالب . ثم لم يزل يحوطه وينصره ويَرفع من قَدره وَيُوقّره ، ويكفّ عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره ، هذا وأبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان ، وكل ذلك بقدر الله وحُسن تدبيره ، إلى أن تُوفي أبو طالب قبل الهجرة بقليل ، فأقدم عليه سفهاء قريش وجُهالهم ، فاختار الله له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد الأنصار من الأوس والخزرج ، كما أجرى الله سُنَّته على الوجه الأتم والأكمل . فلما وصل إليهم آوَوه ونَصَرُوه وحاطوه وقاتلوا بين يديه ، رضي الله عنهم أجمعين ، وكل هذا من حفظ الله له وكلاءته وعنايته به .