فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فَـَٔاوَىٰ} (6)

{ ألم يجدك يتيما } هذا شروع في تعداد ما أفاضه الله سبحانه عليه من النعم الثلاث والقصد من تعداد هذه النعم تقوية قلبه صلى الله عليه وآله وسلم بخلاف قوله تعالى { ألم نربك فينا وليدا } لأنه في معرض الذم .

ثم أمره بعد ذلك أن يذكر نعم ربه كأنه قال له فالطريق في حقك أن تفعل مع عبيدي مثل ما فعلت في حقك ، والهمزة لإنكار النفي وتقرير المنفى على أبلغ وجه فكأنه وجدك قال قد وجدك يتيما والوجود بمعنى العلم ، وقيل بمعنى المصادفة ، والمعنى وجدك يتيما لا أب لك قبل ولادتك أي بعد حمله بشهرين وهو الأرجح ، وقيل غير ذلك ، والتفصيل في المواهب وشرحه .

وكانت وفاة أبيه بالمدينة ، ودفن في دار التابعة وقيل بالأبواء من أعمال الفرع ، وتوفيت أمه وهو ابن أربع أو خمس أو ست أو سبع أو ثمان أو تسع أو اثني عشرة سنة وشهر وعشر أيام ، وكانت وفاتها بالأبواء ، وقيل بالحجون ، ومات جده وهو صلى الله عليه وآله وسلم ابن ثمان .

{ فآوى } أي جعل لك مأوى تأوي إليه ، فرأ الجمهور فآوى بالألف بعد الهمزة رباعيا من آواه يؤويه ، وقرئ ثلاثيا وهو إما بمعنى الرباعي أو هو من أوى له إذا رحمه ، وعن مجاهد قال معنى الآية ألم يجدك واحدا في شرفك لا نظير لك فأواك الله بأصحاب يحفظونك ويحوطونك ، فجعل يتيما من قولهم درة يتيمة ، وهو بعيد جدا .