إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فَـَٔاوَىٰ} (6)

وقولُه تعالَى : { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فآوى } تعديدٌ لمَا أفاضَ عليه الصلاةُ والسلامُ من أول أمرِه إلى ذلكَ الوقتِ من فنونِ النعماءِ العظامِ ليستشهدَ بالحاضر الموجودِ على المترقبِ الموعودِ فيطمئنَّ قلبُه وينشرحَ صدرُهُ والهمزةُ لإنكارِ النفي وتقريرِ المنفي على أبلغ وَجْهٍ كأنَّه قيلَ : قد وجدكَ الخ ، والوجودُ بمعنى العلمِ ويتيماً مفعولُه الثَّانِي وقيلَ : بمعنى المصادقةِ ويتيماً حال من مفعولِه . رُويَ أنَّ أباهُ ماتَ وهُوَ جنينٌ قد أتتْ عليهِ ستةُ أشهرٍ وماتتْ أمُّهُ وهوَ ابنُ ثمانِ سنينَ فكفلَهُ عَمُّه أبُو طالبٍ وعطّفه الله عليه فأحسنَ تربيتَهُ وذلكَ إيواؤُهُ وقُرِئَ فَأَوَى وهُوَ إمَّا من أواهُ بمعنى آواهُ أو من أوَى لَهُ إذَا رَحِمَهُ .