الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فَـَٔاوَىٰ} (6)

قوله : { فَآوَى } : العامَّة على " آوى " بألفٍ بعد الهمزة رباعياً ، مِنْ آواه يُؤْوِيْهِ . وأبو الأشهب " فأوَى " ثلاثياً . قال الزمخشري : " وهو على معنيين : إمَّا مِنْ " أواه " بمعنى آواه . سُمع بعضُ الرعاة يقول : " أين آوي هذه " ، وإمَّا مِنْ أَوَى له إذا رحمه " انتهى . وعلى الثاني قولُه :

أراني - ولا كفرانَ لله - أيَّةُ *** لنفسي لقد طالَبْتُ غيرَ مُنيلِ

أي : رحمةً لنفسي . ووجهُ الدلالةِ مِنْ قولِه : " يقول : أين آوي هذه " ؟ أنه لو كان من الرباعي لقال : " أُؤْوي " بضم الهمزةِ الأولى وسكونِ الثانيةِ ؛ لأنه مضارعُ " آوى " مثل أَكْرَمَ ، وهذه الهمزةُ المضمومةُ هي حرفُ المضارعةِ ، والثانيةُ هي فاءُ الكلمةِ ، وأمَّا همزةُ أَفْعَل فمحذوفةٌ على القاعدةِ ، ولم تُبْدَلْ هذه الهمزةُ كما أُبْدِلَتْ في " أُوْمِنُ أنا " لئلا تثقلَ بالإِدغام ، ولذلك نصَّ القراءُ على أنَّ " تُؤْويه " من قوله " وفَصيلتِه التي تُؤْويه " لا يجوزُ إبْدالُها للثِّقَلِ .