{ وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى } سنهيئه للشر بأن نجريه على يديه حتى يعمل بما لا يرضي الله ، فيستوجب به النار . قال مقاتل : نعسر عليه أن يأتي خيراً . وروينا عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من نفس منفوسة إلا كتب الله مكانها من الجنة أو النار ، فقال رجل : أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل ؟ قال : لا ولكن اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما أهل الشقاء فييسرون لعمل أهل الشقاء ، وأما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة ، ثم تلا : { فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى } " قيل : نزلت في أبي بكر الصديق اشترى بلالاً من أمية ابن خلف ببردة وعشرة أوراق ، فأعتقه فأنزل الله تعالى : { والليل إذا يغشى } إلى قوله : { إن سعيكم لشتى } أي : سعي أبي بكر وأمية . وروى علي بن حجر عن إسحاق عن أبي نجيح عن عطاء ، قال : " كان لرجل من الأنصار نخلة وكان له جار يسقط من بلحها في داره ، وكان صبيانه يتناولون منه ، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : بعنيها بنخلة في الجنة فأبى ، فخرج فلقيه أبو الدحداح ، فقال له : هل لك أن تبيعها بحش ، يعني حائطاً له ، فقال له : هي لك ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أتشتريها مني بنخلة في الجنة ؟ قال : نعم قال : هي لك ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم جار الأنصاري فقال : خذها . فأنزل الله تعالى : { والليل إذا يغشى } إلى قوله : { إن سعيكم لشتى } أبو الدحداح والأنصاري صاحب النخلة " . { فأما من أعطى واتقى } أبو الدحداح ، { وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى } يعني الجنة ، { وأما من بخل واستغنى } أي الأنصاري ، { وكذب بالحسنى } يعني الثواب ، { فسنيسره للعسرى }يعني النار .
{ فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى } أى : فسنهيئه للخصلة التى توصله إلى العسر والمشقة والشدة ، بأن نجعله بسبب سوء اختياره ، يؤثر الغى على الرشد ، والباطل على الحق ، والبخل على السخاء ، فتكون عاقبته فرطا ، ونهايته الخسران والبوار .
والمتأمل فى هذه الآيات الكريمة يراها ، وقد وصفت المؤمنين الصادقين بثلاث صفات هى جماع كل خير ، وأساس جميع الفضائل : وصفهم بالسخاء ، وبالخوف من الله - تعالى - ، وبالتصديق بكل ما يجب التصديق به ، ورتب على ذلك توفيقهم للخصلة الحسنى . . التى تنتهى بهم إلى الفوز والسعادة .
ووصف - أيضا - أهل الفسوق والفجور بثلاث صفات ، هى أساس البلاء ، ومنبع الفساد ، ألا وهى : البخل ، والغرور ، والتكذيب بكل ما يجب الإِيمان به . . ورتب - سبحانه - على ذلك تهيئتهم للخصلة العسرى ، التى توصلهم إلى سوء المصير ، وشديد العقاب . .
وقد ساق الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآيات ، جملة من الأحاديث الشريفة ، فقال ما ملخصه : قوله : { وَكَذَّبَ بالحسنى } أى : بالجزاء فى الدار الآخرة { فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى } أى : لطريق الشر ، كما قال - تعالى - : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } والآيات فى هذا المعنى كثيرة ، ودالة على أن الله يجازى من قصد الخير بالتوفيق له ، ومن قصد الشر بالخذلان ، وكل ذلك بقدر مقدر ، والأحاديث الدالة على هذا المعنى كثيرة .
منها : ما أخرجه البخارى عن على بن أبى طالب - رضى الله عنه - قال :
" كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بقيع الغرقد فى جنازة ، فقال : " ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعدة من الجنة ، ومقعدة من النار " فقالوا : يا رسول الله أفلا نتكل ؟ فقال : " اعملوا فكل ميسر لما خلق له " ثم قرأ : { فَأَمَّا مَنْ أعطى واتقى . . . } إلى قوله : { للعسرى } " .
وقوله : فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى يقول تعالى ذكره : فسنهيئه في الدنيا للخَلّة العُسرى ، وهو من قولهم : قد يسرت غنم فلان : إذا ولدت وتهيأت للولادة ، وكما قال الشاعر :
هُمَا سَيّدَانا يَزْعُمانِ وإنّمَا *** يَسُودَانِنا أنْ يَسّرَتْ غَنَماهُمَا
وقيل : فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى ولا تيسر في العُسرى للذي تقدّم في أوّل الكلام من قوله : فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى وإذا جمع بين كلامين أحدهما ذكر الخير والاَخر ذكر الشرّ ، جاز ذلك بالتيسير فيهما جميعا والعُسرى التي أخبر الله جلّ ثناؤه أنه ييسره لها : العمل بما يكرهه ولا يرضاه . وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر الخبر بذلك :
حدثني واصل بن عبد الأعلى وأبو كُرَيب ، قالا : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن سعد بن عُبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السّلميّ ، عن عليّ ، قال : كُنّا جلوسا عند النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فنكَتَ الأرض ، ثم رفع رأسه فقال : «ما مِنْكمْ مِنْ أحَدٍ إلاّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النّارِ » . قلنا : يا رسول الله أفلا نتّكل ؟ قال : «لا ، اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسّرٌ » ، ثم قرأ : فأمّا مَنْ أعْطَى وَاتّقَى وَصَدّقَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذّبَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا زائدة بن قُدامة ، عن منصور ، عن سعد بن عُبيدة عن أبي عبد الرحمن السّلَميّ ، عن عليّ ، قال : كنا في جنازة في البقيع ، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وجلسنا معه ، ومعه عود يَنْكُت في الأرض ، فرفع رأسه إلى السماء فقال : «ما مِنْكمْ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إلاّ قَدْ كُتِبَ مَدْخَلُها » ، فقال القول : يا رسول الله ألا نتكل على كتابنا ، فمن كان من أهل السعادة فإنه يعمل للسعادة ، ومن كان من أهل الشقاء فإنه يعمل للشقاء ، فقال : «بَلِ اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسّرٌ فأمّا مَنْ كانَ مِنْ أهْلِ السّعادَةِ فإنّهُ يُيَسّرُ لِعَمَلِ السّعادَةِ وأمّا مَنْ كانَ مِنْ أهْلِ الشّقاء فإنّهُ يُيَسّرُ للشّقاءِ » ، ثم قرأ : فأمّا مَنْ أعْطَى واتّقَى وَصَدّقَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وكَذّبَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى » .
حدثنا أبو السائب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السلميّ ، عن عليّ ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بنحوه .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور والأعمش : أنهما سمعا سعد بن عُبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السّلَميّ ، عن عليّ ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه كان في جنازة ، فأخذ عودا فجعل ينكُت في الأرض ، فقال : «ما مِنْ أحَدٍ إلاّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النّارِ أوْ مِنَ الجَنّةِ » ، فقالوا : يا رسول الله أفلا نتّكل ؟ قال : «اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسّرٌ فأمّا مَنْ أعْطَى وَاتّقَى وَصَدّقَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ للْيُسْرَى وأمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وكَذّبَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى » .
حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور والأعمش ، عن سعد بن عُبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السّلَميّ ، عن عليّ رضي الله عنه قال : كنا جلوسا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فتناول شيئا من الأرض بيده ، فقال : «ما مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إلاّ وَقَدْ عُلِمَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنّةِ والنّارِ » قالوا : يا نبيّ الله ، أفلا نتكل ؟ قال : «لا اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ » ، ثم قرأ : فأمّا مَنْ أعْطَى وَاتّقَى . . . الاَيتين .
قال : ثنا مهران ، عن أبي سنان ، عن عبد الملك بن سَمُرة بن أبي زائدة ، عن النّزّال بن سَبْرَةَ ، قال : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «ما مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إلاّ قَدْ كَتَبَ اللّهُ عَلَيْها ما هِيَ لاقِيَتُهُ » وأعرابي عند النبيّ صلى الله عليه وسلم مُرتاد ، فقال الأعرابيّ : فما جاء بي أضرب من وادي كذا وكذا ، إن كان قد فُرِغ من الأمر ؟ فنكت النبيّ صلى الله عليه وسلم في الأرض ، حتى ظنّ القوم أنه ودّ أنه لم يكن تكلم بشيء منه ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «كُلّ مُيَسّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ، فَمَنْ يُرِدِ اللّهُ بِهِ خَيرا يَسّرَهُ لِسَبِيلِ الخَيرِ ، وَمَنْ يُرِدْ بِهِ شَرّا يَسّرَهُ لِسَبِيلِ الشّرّ » ، فلقيت عمرو بن مُرّة ، فعرضت عليه هذا الحديث ، فقال : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وزاد فيه : فأمّا مَنْ أعْطَى وَاتّقَى وَصَدّقَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وكَذّبَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : حدثنا حصين ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السّلَمي ، قال : لما نزلت هذه الاَية : إنّا كُلّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ قال رجل : يا رسول الله ، ففيم العمل ؟ أفي شيء نستأنفه ، أو في شيء قد فُرغ منه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسّرٌ : سَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى ، وَسُنَيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى » .
حدثني عمرو بن عبد الملك الطائي ، قال : حدثنا محمد بن عبيدة ، قال : حدثنا الجراح ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن الحجاج بن أرطأة ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن سليمان الأعمش ، رفع الحديث إلى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالسا وبيده عود ينكُت به في الأرض ، فرفع رأسه فقال : «ما مِنْكمْ مِنْ أحَدٍ وَلا مِنَ النّاس ، إلاّ وَقَدْ عُلِمَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنّةِ أوِ النّارِ » ، قلنا : يا رسول الله أفلا نتوكل ؟ قال لهم : «اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ » ، ثم قال : «أما سَمِعْتُمُ اللّهَ فِي كِتابِهِ يَقُولُ : فأمّا مَنْ أعْطَى وَاتّقَى وَصَدّقَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وكَذّبَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُه لِلْعُسْرَى » .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدِيّ ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى : للشرّ من الله .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحرث ، عن أبي الزّبير ، عن جابر بن عبد الله أنه قال : يا رسول الله ، أنعمل لأمر قد فُرغ منه ، أو لأمر نأتنفه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : «كُلّ عامِلٍ مُيَسّرٌ لِعَمَلِهِ » .
حدثني يونس ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن طلق بن حبيب ، عن بشير بن كعب ، قال : سأل غلامان شابان النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقالا : يا رسول الله ، أنعمل فيما جفّت به الأقلام ، وجرَت به المقادير ، أو في شيء يستأنف ؟ فقال : «بَلْ فِيما جَفّتْ به الأقْلامُ ، وَجَرَتْ بهِ المَقادِيرُ » قالا : ففيم العمل إذن ؟ قال : «اعْمَلُوا ، فَكُلّ عامِلٍ مُيَسّرٌ لعَمَلِهِ الّذِي خُلِقَ لَهُ » ، قالا : فالاَن نجدّ ونعمل .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله : "فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى" يقول تعالى ذكره : فسنهيئه في الدنيا للخَلّة العُسرى ...
وقيل : فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى ولا تيسر في العُسرى للذي تقدّم في أوّل الكلام من قوله : "فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى"، وإذا جمع بين كلامين أحدهما ذكر الخير والآخر ذكر الشرّ ، جاز ذلك بالتيسير فيهما جميعا. والعُسرى التي أخبر الله جلّ ثناؤه أنه ييسره لها : العمل بما يكرهه ولا يرضاه ...
حدثني واصل بن عبد الأعلى وأبو كُرَيب ، قالا : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن سعد بن عُبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السّلميّ ، عن عليّ ، قال : كُنّا جلوسا عند النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فنكَتَ الأرض ، ثم رفع رأسه فقال : «ما مِنْكمْ مِنْ أحَدٍ إلاّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النّارِ » . قلنا : يا رسول الله أفلا نتّكل ؟ قال : «لا ، اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسّرٌ » ، ثم قرأ : "فأمّا مَنْ أعْطَى وَاتّقَى وَصَدّقَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذّبَ بالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى" .
الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :
أي للعمل بما لا يرضى الله حتى يستوجب به النار ، فكأنه قال : نخذله ونؤديه إلى الأمر العسير ، وهو العذاب . وقيل : سندخله جهنم ، والعسرى اسم لها . ...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
فسنخذله ونمنعه الألطاف ، حتى تكون الطاعة أعسر شيء عليه وأشدّه ....أو سمى طريقة الخير باليسرى ، لأنّ عاقبتها اليسر ؛ وطريقة الشرّ العسرى ، لأن عاقبتها العسر . أو أراد بهما طريقي الجنة والنار ، أي : فسنهديهما في الآخرة للطريقين . ...
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
أي : لطريق الشر ....والآيات في هذا المعنى كثيرة دالة على أن الله ، عز وجل ، يُجازي من قصد الخير بالتوفيق له ، ومن قصد الشر بالخذلان . وكل ذلك بقدر مُقدّر ، والأحاديث الدالة على هذا المعنى كثيرة..... الآية نزلت في أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه : حدثني هارون ابن إدريس الأصم ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن محمد ابن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال : كان أبو بكر يعتق على الإسلام بمكة ، فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن ، فقال له أبوه : أي بني ، أراك تعتق أناسًا ضعفاء ، فلو أنك تعتق رجالا جُلَداء يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك ؟ ! فقال : أيْ أبَت ، إنما أريد - أظنه قال - ما عند الله : قال : فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية أنزلت فيه : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى } .
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ فسنيسره } أي نهيئه بما لنا من العظمة بوعد لا خلف فيه { للعسرى } أي للخصلة التي هي أعسر الأشياء وأنكدها ، وهي العمل بما يغضبه سبحانه الموجب لدخول النار وما أدى إليه ، وأشار بنون العظمة في كل من نجد الخير ونجد الشر إلى أن ارتكاب الإنسان لكل منهما في غاية البعد ، أما نجد الخير فلما حفه من المكاره ، وأما نجد الشر فلما في العقل والفطرة الأولى من الزواجر عنه ...
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
ومن مرنت نفسه على الشر وتعودت الخبث فيسهل الله له الخطة العسرى
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ويستحق أن يعسر الله عليه كل شيء ، فييسره للعسرى ! ويوفقه إلى كل وعورة ! ويحرمه كل تيسير ! ويجعل في كل خطوة من خطاه مشقة وحرجا ، ينحرف به عن طريق الرشاد . ويصعد به في طريق الشقاوة . وإن حسب أنه سائر في طريق الفلاح . وإنما هو يعثر فيتقي العثار بعثرة أخرى تبعده عن طريق الله ، وتنأى به عن رضاه . .
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
والتيسير للعسر بالنسبة لهذه المجموعة ، يقابله التيسير لليسر للمجموعة الاُولى التي يشملها الله بتوفيقه ، وييسر لها طريق الطاعة والإنفاق ، وبذلك تتذلل أمامها مشاكل الحياة . . . أمّا هذه المجموعة فتُحرم التوفيق ، ويتعسّر عليها شقّ الطريق وتواجه الضنك والنصب في الدنيا والآخرة ، وهؤلاء البخلاء الخاوون من الإيمان يشقّ عليهم فعل الخير وخاصّة الإنفاق ، بينما هو للمجموعة الاُولى مقرون باللذة والانشراح . ...