المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَّوۡلَآ أَن تَدَٰرَكَهُۥ نِعۡمَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ لَنُبِذَ بِٱلۡعَرَآءِ وَهُوَ مَذۡمُومٞ} (49)

49- لولا أن تداركته نعمة ربه بقبول توبته ، لطرح من بطن الحوت بالفضاء ، وهو معاقب بزلته .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَّوۡلَآ أَن تَدَٰرَكَهُۥ نِعۡمَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ لَنُبِذَ بِٱلۡعَرَآءِ وَهُوَ مَذۡمُومٞ} (49)

{ لولا أن تداركه } أدركه ، { نعمة من ربه } حين رحمه وتاب عليه ، { لنبذ بالعراء } لطرح بالفضاء من بطن الحوت ، { وهو مذموم } يذم ويلام بالذنب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَّوۡلَآ أَن تَدَٰرَكَهُۥ نِعۡمَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ لَنُبِذَ بِٱلۡعَرَآءِ وَهُوَ مَذۡمُومٞ} (49)

{ لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ } أي : لطرح في العراء ، وهي الأرض الخالية { وَهُوَ مَذْمُومٌ } ولكن الله  تغمده{[1202]} برحمته فنبذ وهو ممدوح ، وصارت حاله أحسن من حاله الأولى ، ولهذا قال : { فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ }


[1202]:- كذا في ب، وفي أ: ولكنه.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَّوۡلَآ أَن تَدَٰرَكَهُۥ نِعۡمَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ لَنُبِذَ بِٱلۡعَرَآءِ وَهُوَ مَذۡمُومٞ} (49)

وقوله - سبحانه - : { لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بالعرآء وَهُوَ مَذْمُومٌ . .

استئناف لبيان جانب من فضله - تعالى - على عبده يونس - عليه السلام - .

و { لَّوْلاَ } هنا حرف امتناع لوجود ، و { أَن } يجوز أن تكون مخففة من { أَن } الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن ، وهو محذوف ، وجملة { تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ } خبرها .

ويجوز أن تكون مصدرية ، أى : لولا تدارك رحمة من ربه .

والتدارك : تفاعل من الدرك - بفتح الدال - بمعنى اللحاق بالغير . والمقصود به هنا : المبالغة فى إدراك رحمة الله - تعالى - لعبده يونس - عليه السلام - .

قال الجمل : قرأة العامة : { تَدَارَكَهُ } وهو فعل ماضى مذكر ، حمل على معنى النعمة ، لأن تأنيثها غير حقيقى ، وقرأ ابن عباس وابن مسعود : تدراكه - على لفظ النعمة - وهو خلاف المرسوم .

والمراد بالنعمة : رحمته - سبحانه - بيونس - عليه السلام - وقبول توبته ، وإجابة دعائه . .

والنبذ : الطرح والترك للشئ ، والعراء : الأرض الفضالة الخالية من النبات وغيره .

والمعنى : لولا أن الله - تدارك عبده يونس برحمته ، وبقبول توبته . . لطرح من بطن الحوت بالأرض الفضاء الخالية من النبات والعمران . . وهو مذموم ، أى : وهو ملوم ومؤاخذ منا على ما حدث منه . .

ولكن ملامته ومؤاخذته منا قد امتنعت ، لتداركه برحمتنا ، حيث قبلنا توبته ، وغسلنا حوبته ، ومنحناه الكثير من خيرنا وبرنا . .

فالمقصود من الآية الكريمة بيان جانب من فضل الله - تعالى - على عبده يونس - عليه السلام - ، وبيان أن رحمته - تعالى - به ، ونعمته عليه ، قد حالت بينه ويبن أن يكن مذموما على ما صدر منه ، من مغاضبة لقومه ومفارقته لهم بدون إذن من ربه . .

قال الجمل ما ملخصه : قوله : { وَهُوَ مَذْمُومٌ } أى : ملوم ومؤاخذ بذنبه والجملة حال من مرفوع " نُبِذ " وهى محط الامتناع المفاد بلولا ، فهى المنفية لا النبذ بالعراء . .

أى : لنبذ بالعراء وهو مذموم ، لكنه رُحِم فنبذ غير مذموم . .

فلولا - هنا - ، حرف امتناع لوجود ، وأن الممتنع القيد فى جوابها لا هو نفسه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَّوۡلَآ أَن تَدَٰرَكَهُۥ نِعۡمَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ لَنُبِذَ بِٱلۡعَرَآءِ وَهُوَ مَذۡمُومٞ} (49)

يقول تعالى : { فَاصْبِرْ } يا محمد على أذى قومك لك وتكذيبهم ؛ فإن الله سيحكم لك عليهم ، ويجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدنيا والآخرة ، { وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ } يعني : ذا النون ، وهو يونس بن متى ، عليه السلام ، حين ذهب مُغَاضِبًا على قومه ، فكان من أمره ما كان من ركوبه في البحر والتقام الحوت له ، وشرود الحوت به في البحار وظلمات غمرات اليم ، وسماعه تسبيح البحر بما فيه للعلي القدير ، الذي لا يُرَدّ ما أنفذه من التقدير ، فحينئذ نادى في الظلمات . { أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } [ الأنبياء : 87 ] . قال الله { فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ } [ الأنبياء : 88 ] ، وقال تعالى : { فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [ الصافات : 143 ، 144 ] وقال هاهنا : { إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ } قال ابن عباس ، ومجاهد ، والسدي : وهو مغموم . وقال عطاء الخراساني ، وأبو مالك : مكروب .

وقد قدمنا في الحديث أنه لما قال : { لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } خرجت الكلمة تَحُفّ حول العرش ، فقالت الملائكة : يا رب ، هذا صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة . فقال الله : أما تعرفون هذا ؟ قالوا : لا . قال : هذا يونس . قالوا : يا رب ، عبدك الذي لا يزال يرفع له عمل صالح ودعوة مجابة ؟ قال : نعم . قالوا : أفلا ترحم ما كان يعمله في الرخاء فتنجيه من البلاء ؟ فأمر الله الحوت فألقاه بالعراء ؛ ولهذا قال تعالى : { فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ }

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يونس بن متى " .

ورواه البخاري من حديث سفيان الثوري{[29214]} وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة{[29215]} .


[29214]:- (1) المسند (1/390) وصحيح البخاري برقم (4603).
[29215]:- (2) صحيح البخاري برقم (4631) وصحيح مسلم برقم (2376).

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَّوۡلَآ أَن تَدَٰرَكَهُۥ نِعۡمَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ لَنُبِذَ بِٱلۡعَرَآءِ وَهُوَ مَذۡمُومٞ} (49)

وقوله : لَوْلا أنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبّهِ يقول جلّ ثناؤه : لولا أن تدارك صاحب الحوت نعمة من ربه ، فرحمه بها ، وتاب عليه من مغاضبته ربه لَنُبِذَ بالعَرَاءِ وهو الفضاء من الأرض : ومنه قول بن جَعْدة :

وَرَفَعْتُ رِجْلاً لا أخافُ عِثارَها *** وَنَبَذْتُ بالبَلَدِ العَرَاءِ ثِيابِي

وَهُوَ مَذْمُومٌ اختلف أهل التأويل في معنى قوله : وَهُوَ مَذْمُومٌ فقال بعضهم : معناه وهو مُلِيم . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : ثني أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : وَهُوَ مَذْمُومٌ يقول : وهو مليم .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وهو مذنب ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه عن بكر وَهُوَ مَذْمُومٌ قال : هو مذنب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَّوۡلَآ أَن تَدَٰرَكَهُۥ نِعۡمَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ لَنُبِذَ بِٱلۡعَرَآءِ وَهُوَ مَذۡمُومٞ} (49)

لولا أن تداركه نعمة من ربه يعني التوفيق للتوبة وقبولها وحسن تذكير الفعل للفصل وقرئ تداركته وتداركه أي تتداركه على حكاية الحال الماضية بمعنى لولا كان يقال فيه تتداركه لنبذ بالعراء بالأرض الخالية عن الأشجار وهو مذموم مليم مطرود عن الرحمة والكرامة وهو حال يعتمد عليها الجواب لأنها المنفية دون النبذ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّوۡلَآ أَن تَدَٰرَكَهُۥ نِعۡمَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ لَنُبِذَ بِٱلۡعَرَآءِ وَهُوَ مَذۡمُومٞ} (49)

وقرأ جمهور الناس : «لولا أن تداركه » أسند الفعل دون علامة تأنيث ، لأن تأنيث النعمة غير حقيقي وقرأ أبيّ بن كعب وابن مسعود وابن عباس : «تداركته » على إظهار العلامة ، وقرأ ابن هرمز{[11269]} والحسن : «تدّاركه » بشد الدال على معنى : تتداركه وهي حكاية حال تام ، فلذلك جاء الفعل مستقبلاً بمعنى : { لولا أن } ، يقال فيه تتداركه نعمة من ربه ونحوه ، قوله تعالى : { فوجد فيها رجلين يقتتلان }{[11270]} فهذا وجه القراءة ، ثم أدغمت التاء في الدال ، والنعمة : هي الصفح والتوب ، والاجتباء : الذي سبق له عنده ، والعراء : الأرض الواسعة التي ليس فيها شيء يوارى من بناء ولا نبات ولا غيره من جبل ونحوه ، ومنه قول الشاعر [ أبو الخراش الهذلي ] : [ الكامل ]

رفعت رجلاً لا أخاف عثارها . . . ونبذت بالأرض العراء ثيابي{[11271]}

وقد نبذ يونس عليه السلام { بالعراء } ولكن غير مذموم .


[11269]:في بعض النسخ زيادة "والحسن" أي أن الحسن قرأ بها أيضا.
[11270]:من الآية 15 من سورة القصص.
[11271]:هذا البيت لقيس بن جعدة ، وهو من شواهد أبي عبيدة في "مجاز القرآن" وذكره صاحب اللسان، واستشهد به الطبري في تفسيره، وقيس هذا رجل من خزاعة، وهو أحد الفرارين في الحروب، والعثار: السقوط، وفي المثل:"من سلك الجدد أمن العثار"، والنبذ: الطرح والإلقاء بعيدا، والعراء: وجه الأرض الخالي، وهو موضع الاستشهاد هنا.