فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَّوۡلَآ أَن تَدَٰرَكَهُۥ نِعۡمَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ لَنُبِذَ بِٱلۡعَرَآءِ وَهُوَ مَذۡمُومٞ} (49)

{ لولا أن تداركه } أي صاحب الحوت { نعمة من ربه } وهي توفيقه للتوبة فتاب الله عليه قال الضحاك : إن النعمة هنا النبوة ، وقال سعيد بن جبير : عبادته التي سلفت ، وقال ابن زيد : هي نداؤه بقوله لا إله إلا أنت ، وقيل إخراجه من بطن الحوت ، قاله ابن بحر . وقيل الرحمة .

قرأ الجمهور تداركه على صيغة الماضي ، وقرئ بتشديد الدال وهو مضارع أدغمت التاء في الدال ، والأصل تتداركه بتاءين ، وهذه على حكاية الحال الماضية ، وقرئ تداركته بتاء التأنيث وهو خلاف المرسوم ، وتداركه فعل ماض مذكر حمل على معنى النعمة لأن تأنيث النعمة غير حقيقي ، وتداركته على لفظها .

{ لنبذ بالعراء } أي لألقي من بطن الحوت على وجه الأرض الخالية من النبات والأشجار والجبال { وهو مذموم } أي يذم ويلام بالذنب الذي أذنبه ويطرد من الرحمة ، وقيل مذموم مبعد من كل خير ، وقيل مذنب وقيل معاتب ، قال الرازي : مذموم على كونه فاعلا للذنب ، قال : والجواب أن كلمة لولا دالة على أن هذه المذمومية لم تحصل أو المراد منه ترك الأفضل ، فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين ، أو هذه الواقعة كانت قبل النبوة لقوله تعالى :

{ فاجتباه ربه } .