قوله : { لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ } .
قال ابن الخطيب{[57692]} : لِمَ لَمْ يَقُلْ : تداركته نعمة ؟ وأجاب : بأنه إنما حسن تذكير الفعل لفصل الضمير في «تَدَاركَهُ » . ولأن التأنيث غير حقيقي .
وقرأ أبيّ{[57693]} وعبد الله بن عباس : «تَدارَكتْهُ » بتاء التأنيث لأجل اللفظِ .
والحسن وابن{[57694]} هرمز والأعمش : «تَدّارَكهُ » - بتشديد الدال - .
وخرجت على الأصل : تتداركه - بتاءين - مضارعاً ، فأدغم ، وهو شاذ ؛ لأن الساكن الأول غير حرف لين ؛ وهي كقراءة البزي { إذْ تَلَّقَّوْنَهُ }[ النور : 15 ] ، و { ناراً تَلَّظَّى }[ الليل : 14 ] ، وهذا على حكاية الحال ، لأن المقصد ماضيه ، فإيقاع المضارع هنا للحكاية ، كأنه قال : لولا أن كان يقال فيه : تتداركه نعمة .
قوله : { نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ } .
قال الضحاكُ : النعمة هنا : النبوة{[57695]} .
وقال ابن جبيرٍ : عبادته التي سلفت{[57696]} .
وقال ابن زيدٍ : نداؤه بقوله { لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين }{[57697]} [ الأنبياء : 87 ] .
وقال ابن بحرٍ : إخراجه من بطن الحوتِ .
وقيل : رحمة من ربِّه ، فرحمه وتاب عليه .
قوله : { لَنُبِذَ بالعراء } ، هذا جواب «لَوْلاَ » ، أي : لنبذ مذموماً لكنه نبذ سقيماً غير مذموم .
وقيل : جواب «لَولاَ » مقدر ، أي : لولا هذه النعمة لبقي في بطن الحوتِ .
ومعنى : «مَذْمُوم » ، قال ابن عباس : مُليمٌ .
وقال بكر بن عبد الله : مُذنِبٌ .
وقيل : مبعدٌ من كل خير . والعراء : الأرض الواسعة الفضاء التي ليس فيها جبل ، ولا شجر يستر .
وقيل : لولا فضلُ الله عليه لبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة ، ثم نبذ بعراء القيامة مذموماً ، يدل عليه قوله تعالى { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }[ الصافات : 143 ، 144 ] .
قال ابن{[57698]} الخطيب : هل يدل قوله «وهُوَ مَذمُومٌ » على كونه فاعلاً للذنب ؟ قال : والجوابُ من ثلاثة أوجه :
الأول : أن كلمة «لولا » دلت على أن هذه المذمومية لم تحصل .
الثاني : لعل المراد من المذموميةِ ترك الأفضلِ ، فإن حسنات الأبرارِ سيئات المقربين .
الثالث : لعل هذه الواقعة كانت قبل النبوة ، لقوله «فاجْتبَاهُ رَبُّهُ » والفاء للتعقيب .
قيل : إن هذه الآية نزلت بأحدٍ حين حل برسول الله صلى الله عليه وسلم ما حل فأراد أن يدعو على الذين انهزموا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.