فأمر الله نبيه أن يخبر عن حاله وحال أتباعه ، ما به يتبين لكل أحد هداهم وتقواهم ، وهو أن يقولوا : { آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا } والإيمان يشمل التصديق الباطن ، والأعمال الباطنة والظاهرة ، ولما كانت الأعمال ، وجودها وكمالها ، متوقفة على التوكل ، خص الله التوكل من بين سائر الأعمال ، وإلا فهو داخل في الإيمان ، ومن جملة لوازمه كما قال تعالى : { وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } فإذا كانت هذه حال الرسول وحال من اتبعه ، وهي الحال التي تتعين للفلاح ، وتتوقف عليها السعادة ، وحالة أعدائه بضدها ، فلا إيمان [ لهم ] ولا توكل ، علم بذلك من هو على هدى ، ومن هو في ضلال مبين .
ثم أمره - سبحانه - للمرة الخامسة ، أن يبين لهم أنه هو وأصحابه معتمدون على الله - تعالى - وحده ، ومخلصون له العبادة والطاعة ، فقال : { قُلْ هُوَ الرحمن آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا . . }
أي : وقل يا محمد لهؤلاء الجاحدين : إذا كنتم قد أشركتم مع الله - تعالى - آلهة أخرى فى العبادة ، فنحن على النقيض منكم ، لأننا أخلصنا عبادتنا للرحمن الذى أوجدنا برحمته ، وآمنا به إيمانا حقا ، وعليه وحده توكلنا وفوضنا أمورنا .
وأخر - سبحانه - مفعول { آمَنَّا } وقدم مفعول { تَوَكَّلْنَا } للتعريض بالكافرين ، الذين أصروا على ضلالهم ، فكأنه يقول : نحن آمنا ولم نكفر كما كفرتم ، وتوكلنا عليه وحده ، ولم نتوكل على ما أنتم متوكلون عليه من أصنامكم وأموالكم وأولادكم . .
وقوله : { فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } مسوق مساق التهديد والوعيد أي : فستعلمون في عاجل أمرنا وآجله ، أنحن الذين على الحق أم أنتم ؟ ونحن الذين على الباطل أم أنتم ؟
فالمقصود بالآية الكريمة التهديد والإنذار ، مع إخراج الكلام مخرج الإِنصاف ، الذي يحملهم على التدبر والتفكر لو كانوا يعقلون .
ثم قال : { قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا } أي : آمنا برب العالمين الرحمن الرحيم ، وعليه توكلنا في جميع أمورنا ، كما قال : { فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } [ هود : 123 ] . ولهذا قال : { فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ } أي : منا ومنكم ، ولمن تكون العاقبة في الدنيا والآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.