نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قُلۡ هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ءَامَنَّا بِهِۦ وَعَلَيۡهِ تَوَكَّلۡنَاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ هُوَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (29)

ولما كان لا يقدر على التعميم بالنعمة{[67150]} إلا من كان عام {[67151]}القدرة والنعمة{[67152]} والرحمة ، وكان التذكير بالنعم أشد استعطافاً ، صرف القول إلى التعبير بما هو صريح في ذلك ، فقال مذكراً بذلك لعلمهم بأنه لا نعمة عليهم إلا منه ، واعترافهم بذلك ليحذروه ويتذكروا{[67153]} عموم قدرته ، فيعلموا قدرته{[67154]} على البعث فينفصل النزاع ، { قل } يا خير الخلق : { هو } أي الله وحده { الرحمن } أي الشامل الرحمة لكل ما تناولته الربوبية ، فلا يليق بعقل{[67155]} عاقل أن يدع أحداً من خلقه في ظلم ظالمه فلا يأخذ له بحقه ، لأن ذلك لا يرضاه أقل {[67156]}الناس لنفسه{[67157]} مع عجزه ، فكيف بمن هو كامل القدرة ، وإلا لما قدر{[67158]} على عموم الرحمة { آمنا به } أي أنا ومن آمن بي لهذا البرهان القاطع ، بأنه لا يكافئه شيء ، فهو كاف في الإيمان به . { وعليه } أي وحده { توكلنا } لأنه لا شيء في يد غيره ، وإلا لرحم من يريد عذابه أو عذب من يريد رحمته ، فكل ما جرى على أيدي خلقه من رحمة أو نقمة فهو الذي أجراه ، لأنه الفاعل بالذات{[67159]} ، المستجمع لما يليق به من الصفات ، فنحن نرجو خيره ولا نخاف غيره ، وقد أقررنا له بهذه{[67160]} العبارة على وجه الحصر بالألوهية والربوبية فلا نحتج {[67161]}في السلوك{[67162]} إليه إلى معوق عن ذكره والتفكر في آلائه ولو كان المعوق نفيساً في ظاهر الحياة الدنيا ولو كان{[67163]} مخوفاً فإنه{[67164]} لا خوف معه سبحانه ، فالتوكل {[67165]}عليه منجاة{[67166]} من كل هلكة مجلبة لكل ملكة ، ولم يفعل كما تفعلون أنتم في توكلكم على رجالكم وجاهكم وأموالكم .

ولما أبان هذا{[67167]} طريق الصواب ، وجلى كل ارتياب ، وكان لا بد من الرجوع إليه والانقلاب ، لإتمام الرحمة بالثواب والعقاب ، سبب عنه قوله : { فستعلمون } أي عند{[67168]} التجلي عليكم بصفة{[67169]} القهر عما قليل بوعد لا خلف فيه { من هو } أي منا ومنكم متداع بذاته ظاهراً وباطناً { في ضلال } أي{[67170]} أخذ في غير{[67171]} مسلك موصل إلى مقصد محيط به الضلال ، بحيث إنه لا قدرة له على الانفكاك منه ، إلا إن أطاع من يجره بيده فيخرجه منه . ولما كان الشيء إذا كان فيه نوع لبس كان ربما اقتضى قبول العذر قال : { مبين * } أي بين في نفسه ، موضح لكل أحد أنه لا خفاء به .


[67150]:-زيد من ظ وم.
[67151]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67152]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67153]:- من ظ وم، وفي الأصل: يذكروا.
[67154]:- زيد من ظ وم.
[67155]:- في ظ وم: في عقل.
[67156]:- من ظ وم، وفي الأصل: خلقه.
[67157]:- من ظ وم، وفي الأصل: خلقه.
[67158]:- من ظ وم، وفي الأصل: قدره.
[67159]:- من ظ وم، وفي الأصل: للذات.
[67160]:- من ظ وم، وفي الأصل: هذه.
[67161]:- من ظ وم، وفي الأصل: بالسلوك.
[67162]:- من ظ وم، وفي الأصل: بالسلوك.
[67163]:- من ظ وم، وفي الأصل: محقوقا لأنه.
[67164]:- من ظ وم، وفي الأصل: محقوقا لأنه.
[67165]:- في ظ وم: والتوكل.
[67166]:- من ظ وم، وفي الأصل: نجاة.
[67167]:- من ظ وم، وفي الأصل: بهذا.
[67168]:- من ظ وم، وفي الأصل: عن.
[67169]:- من ظ وم، وفي الأصل: بصفات.
[67170]:- زيد في الأصل: في، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67171]:- زيد من ظ وم.