المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

11 - يتعارفون بينهم حتى يعرف بعضهم بعضاً - يقيناً - وهو مع ذلك لا يسأله . يود الكافر لو يفدى نفسه من عذاب يوم القيامة ببنيه ، وزوجته وأخيه ، وعشيرته التي تضمه وينتمي إليها ، ومن في الأرض جميعاً ، ثم يُنجيه هذا الفداء .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

{ يبصرونهم } يرونهم ، وليس في القيامة مخلوق إلا وهو نصب عين صاحبه من الجن والإنس ، فيبصر الرجل أباه وأخاه وقرابته فلا يسأله ، ويبصر حميمه فلا يكلمه لاشتغاله بنفسه . قال ابن عباس : يتعارفون ساعة من النهار ثم لا يتعارفون بعده . وقيل : { يبصرونهم } يعرفونهم ، أي : يعرف الحميم حميمه حتى يعرفه ، ومع ذلك لا يسأله عن شأنه لشغله بنفسه . وقال السدي : يعرفونهم أما المؤمن فببياض وجهه ، وأما الكافر فبسواد وجهه ، { يود المجرم } يتمنى المشرك ، { لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

{ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ } الذي حق عليه العذاب { لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

وضمير الجمع فى قوله - سبحانه - { يُبَصَّرُونَهُمْ } يعود إلى الحميمين ، نظرا لعمومهما ، لأنه ليس المقصود صديقين مخصوصين ، وإنما المقصود كل صديق مع صديقه .

والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا ، إجابة عن سؤال تقديره : ولماذا لا يسأل الصديق صديقه فى هذا اليوم ؟ ألأنه لا يراه ؟ فكان الجواب : لا ، إنه يراه ويشاهده ، ويعرف كل قريب قريبه ، وكل صديق صديقه فى هذا اليوم . . ولكن كل واحد منهم مشغول بهمومه .

قال صاحب الكشاف : { يُبَصَّرُونَهُمْ } أى : يبصر الأحماءُ الأحماءَ ، فلا يخفون عليهم ، فلا يمنعهم من المساءلة أن بعضهم لا يبصر بعضا ، وإنما يمنعهم التشاغل .

فإن قلت : ما موقع يبصرونهم ؟ قلت : هو كلام مستأنف ، كأنه لمّا قال : { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } قيل : لعله لا يبصره ، فقيل فى الجواب : يبصرونهم ، ولكنهم لتشاغلهم لم يتمكنوا من تساؤلهم .

فإن قلت : لم جمع الضميرين فى { يُبَصَّرُونَهُمْ } وهى للحميمين ؟ قلت : المعنى على العموم لكل حميمين ، لا لحميمين اثنين .

ثم بين - سبحانه - حالة المجرمين فى هذا اليوم فقال : { يَوَدُّ المجرم } أى : يحب المجرم فى هذا اليوم ويتمنى .

{ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ } أى : يتمنى ويحب لو يفتدى نفسه من عذاب هذا اليوم بأقرب الناس إليه ، وألصقهم بنفسه . . وهم بنوه وأولاده .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

وإنهم ليعرضون بعضهم على بعض( يبصرونهم )كأنما عمدا وقصدا ! ولكن لكل منهم همه ، ولكل ضمير منهم شغله . فلا يهجس في خاطر صديق أن يسأل صديقه عن حاله ، ولا أن يسأله عونه . فالكرب يلف الجميع ، والهول يغشى الجميع . .

فما بال( المجرم )? إن الهول ليأخذ بحسه ، وإن الرعب ليذهب بنفسه ، وإنه ليود لو يفتدي من عذاب يومئذ بأعز الناس عليه ، ممن كان يفتديهم بنفسه في الحياة ، ويناضل عنهم ، ويعيش لهم . . ببنيه . وزوجه . وأخيه ، وعشيرته القريبة التي تؤويه وتحميه . بل إن لهفته على النجاة لتفقده الشعور بغيره على الإطلاق ، فيود لو يفتدي بمن في الأرض جميعا ثم ينجيه . . وهي صورة للهفة الطاغية والفزع المذهل والرغبة الجامحة في الإفلات ! صورة مبطنة بالهول ، مغمورة بالكرب ، موشاة بالفزع ، ترتسم من خلال التعبير القرآني الموحي .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

يبصرونهم استئناف أو حال تدل على أن المانع من هذا السؤال هو التشاغل دون الخفاء أو ما يغني عنه من مشاهدة الحال كبياض الوجه وسواده وجمع الضميرين لعموم الحميم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه حال من أحد الضميرين أو استئناف يدل على أن اشتغال كل مجرم بنفسه بحيث يتمنى أن يفتدي بأقرب الناس إليه وأعقلهم بقلبه فضلا أن يهتم بحاله ويسأل عنها وقرأ نافع والكسائي بفتح ميم يومئذ وقرىء بتنوين عذاب ونصب يومئذ به لأنه بمعنى تعذيب .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

وموقع { يبصّرونهم } الاستئناف البياني لدفع احتمال أن يقع في نفس السامع أن الأحِمَّاء لا يرى بعضهم بعضاً يومئذٍ لأن كل أحد في شاغل ، فأجيب بأنهم يكشف لهم عنهم ليروا ما هم فيه من العذاب فيزدادوا عذاباً فوق العذاب .

ويجوز أن تكون جملة { يبصرونهم } في موضع الحال ، أي لا يسأل حميم حميماً في حال أن كل حميم يبصر حميمه يقال له : انظر مَاذا يقاسي فلان . و { يبصرونهم } مضارع بَصَّره بالأمر إذا جعله مبصراً له ، أي ناظراً فأصله : يبصَّرون بهم فوقع فيه حذف الجار وتعدية الفعل .

والضميران راجعان إلى { حميم } المرفوع وإلى { حميماً } المنصوب ، أي يبصر كل حميم حميمه فجمع الضميران نظراً إلى عموم { حمِيمٌ } و { حميماً } في سياق النفي .

و { يودّ } : يحب ، أي يتمنى ، وذلك إما بخاطر يخطر في نفسه عند رؤية العذاب .

وإما بكلام يصدر منه نظير قوله : { ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً } [ النبأ : 40 ] ، وهذا هو الظاهر ، أي يصرخ الكافر يومئذٍ فيقول : أفتدي من العذاب ببني وصاحبتي وفصيلتي فيكون ذلك فضيحة له يومئذٍ بين أهله .

و { المجرم } : الذي أتى الجُرم ، وهو الذنب العظيم ، أي الكفر لأن الناس في صدر البعثة صنفان كافر ومؤمن مطيع .

و { يومئذٍ } هو { يوم تكون السماء كالمهل } فإن كان قوله : { يوم تكون السماء } متعلقاً ب { يودّ } فقوله : { يومئذٍ } تأكيد ل { يوم تكون السماء كالمهل ، } وإن كان متعلقاً بقوله : { تعرج الملائكة } [ المعارج : 4 ] فقوله : { يومئذٍ } إفادة لكون ذلك اليوم هو يوم يود المجرم لو يفتدي من العذاب بمن ذكر بعده .

و { لو } مصدرية فما بعدها في حكم المفعول ل { يود } ، أي يود الافتداء من العذاب ببنيه إلى آخره .

وقرأ الجمهور { يومئذٍ } بكسر ميم ( يوم ) مجروراً بإضافة ( عذاب الله ) . وقرأه نافع والكسائي بفتح الميم على بنائه لإِضافة ( يوم ) إلى ( إذ ) ، وهي اسم غير متمكن والوجهان جائزان .

والافتداء : إعطاء الفِداء ، وهو ما يعطى عوضاً لإِنقاذٍ من تبعةٍ ، ومنه قوله تعالى : { وإن يأتوكم أسارى تفادوهم } في البقرة ( 85 ) وقوله : ولو افتدى به في آل عمران ( 91 ) ، والمعنى : لو يفتدي نفسه ، والباء بعد مادة الفداء تدخل على العوض المبذول فمعنى الباء التعويض .

ومعنى مِن } الابتداء المجازي لتضمين فعل يفتدي معنى يَتخلص