فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

وجملة : { يُبَصَّرُونَهُمْ } مستأنفة ، أو صفة لقوله : { حَمِيماً } أي يبصر كلّ حميم حميمه ، لا يخفى منهم أحد عن أحد . وليس في القيامة مخلوق وإلاّ وهو نصب عين صاحبه ، ولا يتساءلون ولا يكلم بعضهم بعضاً لاشتغال كل أحد منهم بنفسه ، وقال ابن زيد : يبصر الله الكفار في النار الذين أضلوهم في الدنيا ، وهم الرؤساء المتبوعون . وقيل : إن قوله : { يُبَصَّرُونَهُمْ } يرجع إلى الملائكة : أي يعرفون أحوال الناس لا يخفون عليهم ، وإنما جمع الضمير في يبصرونهم ، وهما للحميمين حملاً على معنى العموم ، لأنهما نكرتان في سياق النفي ، قرأ الجمهور : { يبصرونهم } بالتشديد ، وقرأ قتادة بالتخفيف . ثم ابتدأ سبحانه الكلام فقال : { يَوَدُّ المجرم لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ } المراد بالمجرم : الكافر ، أو كلّ مذنب ذنباً يستحق به النار لو يفتدي من عذاب يوم القيامة الذي نزل به . { بِبَنِيهِ وصاحبته وَأَخِيهِ } فإن هؤلاء أعزّ الناس عليه وأكرمهم لديه ، فلو قبل منه الفداء لفدى بهم نفسه ، وخلص مما نزل به من العذاب ، والجملة مستأنفة لبيان أن اشتغال كل مجرم بنفسه بلغ إلى حدّ يودّ الافتداء من العذاب بمن ذكر . قرأ الجمهور : { من عذاب يومئذٍ } بإضافة عذاب إلى يومئذٍ . وقرأ أبو حيوة بتنوين «عذاب » وقطع الإضافة . وقرأ الجمهور : «يومئذ » بكسر الميم . وقرأ نافع والكسائي والأعرج وأبو حيوة بفتحها .