قوله : { يُبَصَّرُونَهُمْ } عدي بالتضعيف إلى ثان ، وقام الأول مقام الفاعل ، وفي محل هذه الجملة وجهان :
أحدهما : أنها في موضع الصفة ل «حَمِيم » .
قال الزمخشريُّ : فإن قلت : ما موقع «يُبصَّرُونهُم » ؟
قلت : هو كلام مستأنف ، كأنه لمَّا قال : { لاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } قيل : لعله لا يبصره ، فقال : «يُبَصَّرُونهُم » ، ثم قال : ويجوز أن يكون «يبصرُونهُم » صفة ، أي : حميماً مبصرين معرفين إياهم انتهى .
وإنما اجتمع الضميران في «يبصرُونهُم » وهما للحميمين حملاً على معنى العمومِ ؛ لأنهما نكرتان في سياق النفي{[57888]} .
وقرأ قتادةُ : «يُبصِرُونهُمْ » مبنياً للفاعل ، من «أبصَرَ » ، أي : يبصر المؤمن الكافر في النار .
«يُبصَّرُونهُم » ، أي : يرونهم ، يقال : بصرت به أبصر ، قال تعالى : { بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ }[ طه : 96 ] ، ويقال : «بصَّرَني زيدٌ بكذا » فإذا حذفت الجار قلت : بصَّرني زيدٌ ، فإذا بنيت الفعل للمفعول ، وقد حذفت الجارَّ ، قلت : بصرت زيداً ، فهذا معنى : «يُبَصَّرونهُمْ » أي : يعرف الحميمُ الحميمَ حين يعرفه ، وهو مع ذلك ، لا يسأله عن شأنه لشغله بنفسه ، فيبصر الرجلُ أباه ، وأخاه ، وقرابته ، وعشيرته ، فلا يسألهُ ، ولا يكلمه ؛ لاشتغالهم بأنفسهم .
وقال ابن عبَّاس : يتعارفون ساعة ، ثم لا يتعارفون بعد ذلك{[57889]} .
وقال ابن عباس أيضاً : يُبْصِرُ بعضهم بعضاً{[57890]} ، فيتعارفون ثم يفرُّ بعضهم من بعضٍ ، فالضمير في «يُبَصَّرونهُم » على هذا للكافر ، والهاءُ والميم للأقرباء .
وقال مجاهدُ : المعنى : يُبَصِّرُ الله المؤمنين الكفَّار في يوم القيامةِ ، فالضمير في «يُبَصَّرونهم » للمؤمنين ، والهاءُ والميمُ للكفار{[57891]} .
وقال ابنُ زيدٍ : المعنى : يُبصِّرُ الله الكفار في النار الذين أضلوهم في الدُّنيا ، فالضميرُ في «يُبَصَّرونَهُم » للتابعين ، والهاءُ والميم للمتبوعين{[57892]} .
وقيل : إنه يُبصِرُ المظلومُ ظالمه ، والمقتولُ قاتله .
وقيل : إن الضمير في «يُبصَّرونَهم » يرجع إلى الملائكة ، أي : يعرفون أحوال الناس ، فيسوقون كلَّ فريقٍ إلى ما يليق بهم ، وتمَّ الكلامُ عند قوله : «يُبصَّرُونَهُم » . قوله : «يَوَدُّ المُجرِمُ » ، أي : يتمنَّى الكافرُ { لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ } ، أي : من عذاب جهنم ، وقيل : المرادُ بالمجرم كلُّ مذنب ، وتقدم الكلام على قراءتي «يَومئذٍ » فتحاً وجرًّا في «هود » والعامة : على إضافة «عَذابِ » ل «يَومِئذٍ » .
وأبو حيوة{[57893]} : بتنوين «عذابٍ » ، ونصب «يَومئذٍ » ، على الظرف .
قال ابنُ الخطيب{[57894]} : وانتصابه بعذاب ؛ لأن فيه معنى تعذيب .
وقال أبو حيَّان{[57895]} هنا : «والجمهور يكسرها - أي : ميم يومئذ - والأعرج وأبو حيوة : يفتحها » انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.