التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

وضمير الجمع فى قوله - سبحانه - { يُبَصَّرُونَهُمْ } يعود إلى الحميمين ، نظرا لعمومهما ، لأنه ليس المقصود صديقين مخصوصين ، وإنما المقصود كل صديق مع صديقه .

والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا ، إجابة عن سؤال تقديره : ولماذا لا يسأل الصديق صديقه فى هذا اليوم ؟ ألأنه لا يراه ؟ فكان الجواب : لا ، إنه يراه ويشاهده ، ويعرف كل قريب قريبه ، وكل صديق صديقه فى هذا اليوم . . ولكن كل واحد منهم مشغول بهمومه .

قال صاحب الكشاف : { يُبَصَّرُونَهُمْ } أى : يبصر الأحماءُ الأحماءَ ، فلا يخفون عليهم ، فلا يمنعهم من المساءلة أن بعضهم لا يبصر بعضا ، وإنما يمنعهم التشاغل .

فإن قلت : ما موقع يبصرونهم ؟ قلت : هو كلام مستأنف ، كأنه لمّا قال : { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } قيل : لعله لا يبصره ، فقيل فى الجواب : يبصرونهم ، ولكنهم لتشاغلهم لم يتمكنوا من تساؤلهم .

فإن قلت : لم جمع الضميرين فى { يُبَصَّرُونَهُمْ } وهى للحميمين ؟ قلت : المعنى على العموم لكل حميمين ، لا لحميمين اثنين .

ثم بين - سبحانه - حالة المجرمين فى هذا اليوم فقال : { يَوَدُّ المجرم } أى : يحب المجرم فى هذا اليوم ويتمنى .

{ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ } أى : يتمنى ويحب لو يفتدى نفسه من عذاب هذا اليوم بأقرب الناس إليه ، وألصقهم بنفسه . . وهم بنوه وأولاده .