الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

ومعنى : ( يبصرونهم . . . )[ 11 ] .

أي : يبصر كل إنسان قرينه {[70286]} فيعرفه . قال ابن عباس : يعرف بعضهم بعضا ، ويتعارفون ، ثم يفر بعضهم[ من ] {[70287]} بعضهم ، بعد ذلك ، يقول الله {[70288]} : ( لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) ، وهو قول قتادة {[70289]} . فالهاء والميم للأقرباء- على هذا- للأقرباء والضمير في [ يبصرونهم ] {[70290]} للكفار ، فالهاء والميم للأقرباء ، أي يبصر الله الكفار أقرباءهم في القيامة ويعرفهم بهم ، فهو تأويل موافق لصدر الآية ؛ لأنه قد ذكر القريب قريبه ، وهذا مثل قوله : ( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه {[70291]} )الآية {[70292]} .

وقال مجاهد : معناه : يبصر الله المؤمنين الكفار في القيامة {[70293]} . فيكون الضمير في : يبصرون " للمؤمنين ، والهاء والميم للكفار {[70294]} . وقال ابن زيد : معناه : يبصر الله الكفار الذين أضلوهم {[70295]} في الدنيا في النار {[70296]} . فيكون الضمير في ( يبصرونهم ) للكفار التابعين {[70297]} ، والهاء والميم للمتبوعين {[70298]} .

وقد روي عن ابن كثير {[70299]} وأب جعفر يزيد {[70300]} وشيبة {[70301]} : أنهم قرأوا : " ولا يسأل حميمٌ " على ما لم يسم فاعله . ومعناه : لا يقال لقريب {[70302]} : أين قريبك {[70303]} ؟ ، ( أي ) : {[70304]} لا يطلب بعضهم ببعض {[70305]} . ويجوز أن يكون معناه : ولا يسأل إنسان عن ذنب قريبهثل قوله : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) {[70306]} .

- ثم قال ( يود المجرم لو يفتي من عذاب يومئذ ببنيه ) [ 11 ] .

( أي : يتمنى الكافر يوم القيامة لو {[70307]} يفتدي من العذاب ببنيه ) {[70308]}


[70286]:- أ: قريبه. وكذا في جامع البيان.
[70287]:- م,ث: عن.
[70288]:- أ, ث: لقول.
[70289]:- عبس:37, انظر جامع البيان 30/73-74.
[70290]:- م,ث: يبصرونهم.
[70291]:- أ: من أخيه وأمه وأبيه
[70292]:- عبس:34-35 وانظر هذا التأويل مختصرا في المصدر السابق.
[70293]:- انظر جامع البيان 29/74, وتفسير الماوردي 4/304.
[70294]:- انظر إعراب ابن الأنباري2/460.
[70295]:- أ: أضلهم.
[70296]:- انظر جامع البيان 49/74, وتفسير الماوردي4/304.
[70297]:- أ: والتابعين.
[70298]:- ث: للمتبرعين.
[70299]:- في رواية البزي عنه: انظر: السبعة:650. وابن كثير هو أبو معبد عبد الله بن كثير الداري المكي أحد القراء السبعة وإمام أهل مكة في القراءة, أخذ القراءة عرضا عن مجاهد وروى القراءة عنه شبل بن عباد وابن جريح, (ت120هـ). انظر: الغاية لابن الجزري1/443.
[70300]:- انظر جامع البيان 29/74 والسبعة650, والمبسوط 446. وأبو جعفر هو يزيد بن القعقاع المخزومي بالولاء, المدني, أحد القراء العشرة, من التابعين, عرف بالقارئ, وكان مفتيا و مجتهدا, عرض القرآن على عبد اله بن عياش و ابن عباس وروى القراءة عنه نافع بن أبي نعيم وسليمان بن مسلم, ت:132هـ. انظر: الغاية لابن الجزري 2/382, والأعلام8/182.
[70301]:- انظر جامع البيان 29/74, وشيبة هو ابن نصاح بن سرجس بن يعقوب, إمام ثقة, مقرئ المدينة مع أبي جعفر وقاضيها, أدرك بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة وأم سلمة, عرض على عبد الله بن عياش وعرض عليه نافع بن أبي نعيم,( ت:130هـ), انظر الغاية لابن الجزري 1/329-330.
[70302]:- أ: ما.
[70303]:- أ: للقريب.
[70304]:- أ: قاربك.
[70305]:- ساقط من ث.
[70306]:- أ: لبعض. ولنظر: الحجة لأبي زرعة 722, وإعراب ابن الأنباري 2/460, والبحر 8/334.
[70307]:- ث:أو.
[70308]:- ساقط من أ.