المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِيهَا سُبُلٗا وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّن نَّبَاتٖ شَتَّىٰ} (53)

53- هو الإله المتفضل علي عباده بالوجود والحفظ ، مهَّد لكم الأرض فبسطها بقدرته ، وشق لكم فيها طرقاً تسلكونها ، وأنزل المطر عليها تجرى به الأنهار فيها ، فأخرج سبحانه أنواع النبات المختلفة المتقابلة في ألوانها وطعومها ومنافعها ، فمنها الأبيض ، ومنها الأسود ، ومنها الحلو ، ومنها المر .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِيهَا سُبُلٗا وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّن نَّبَاتٖ شَتَّىٰ} (53)

قوله تعالى :{ الذي جعل لكم الأرض مهداً }

قرأ أهل الكوفة " مهداً " هاهنا وفي الزخرف فيكون مصدراً ، أي فرشاً . وقرأ الآخرون : مهاداً كقوله تعالى : ( ألم نجعل الأرض مهاداً ) أي : فراشاً وهو اسم ما يفرش كالبساط اسم لما يبسط { وسلك لكم فيها سبلاً } السلك : إدخال الشيء في الشيء والمعنى : أدخل في الأرض لأجلكم طرقاً تسلكونها . قال ابن عباس : سلك لكم فيها طرقاً تسلكونها { وأنزل من السماء ماءً } يعني : المطر . تم الإخبار عن موسى ، ثم أخبر الله عن نفسه بقوله : { فأخرجنا به } بذلك الماء { أزواجاً } أصنافاً { من نبات شتى } مختلف الألوان والطعوم والمنافع من أبيض وأحمر وأخضر وأصفر ، فكل صنف منها زوج ، فمنها للناس ، ومنها للدواب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِيهَا سُبُلٗا وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّن نَّبَاتٖ شَتَّىٰ} (53)

ثم استطرد في هذا الدليل القاطع ، بذكر كثير من نعمه وإحسانه الضروري ، فقال : { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا } أي : فراشا بحالة تتمكنون من السكون فيها ، والقرار ، والبناء ، والغراس ، وإثارتها للازدراع وغيره ، وذللها لذلك ، ولم يجعلها ممتنعة عن مصلحة من مصالحكم .

{ وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا } أي : نفذ لكم الطرق الموصلة ، من أرض إلى أرض ، ومن قطر إلى قطر ، حتى كان الآدميون يتمكنون من الوصول إلى جميع الأرض بأسهل ما يكون ، وينتفعون بأسفارهم ، أكثر مما ينتفعون بإقامتهم .

{ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى } أي : أنزل المطر { فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } وأنبت بذلك جميع أصناف النوابت على اختلاف أنواعها ، وتشتت أشكالها ، وتباين أحوالها ، فساقه ، وقدره ، ويسره ، رزقا لنا ولأنعامنا ، ولولا ذلك لهلك من عليها من آدمي وحيوان .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِيهَا سُبُلٗا وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّن نَّبَاتٖ شَتَّىٰ} (53)

ثم بين له آثار علم الله - تعالى - وقدرته فقال : { الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض مَهْداً .

أى : هو - سبحانه - الذى جعل لكم الأرض ممهدة كالفراش ، ليتسنى لكم الانتفاع بخيراتها ، وقرأ الأكثرون من السبعة ، { مَهْاداً } أى : فراشا . والمهاد فى الأصل ما يمهد للصبى لينام عليه .

{ وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً } والسلك : الإدخال . أى : وجعل لكم فى داخلها طرقا تنتقلون فيها من مكان إلى مكان ، ومن بلدة إلى أخرى ، لقضاء مصالحكم .

{ وَأَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شتى } والأزواج : الأصناف .

أى : وأنزل - سبحانه - بقدرته من السماء ماء نافعا كثيرا فأخرجنا بسبب هذا الماء من الأرض أصنافا شتى - أى متفرقة - من النبات ، وهذه الأصناف مختلفة المنافع والألوان والطعوم والروائح ، مما يدل على كمال قدرتنا ، ونفاذ إرادتنا .

وفى قوله { فَأَخْرَجْنَا } التفات من الغيبة إلى التكلم بصيغة التعظيم ، للتنبيه على عظم شأن هذا الإخراج ، وأثره الكبير فى حياة الناس .

فأنت ترى أن هذه الآية الكريمة قد اشتملت على أربع منن قد امتن الله بها على عباده ، وهى : تمهيد الأرض ، وجعل الطرق فيها ، وإنزال المطر من السماء ، وإخراج النبات المتنوع من الأرض .

وهذه المنن وإن كانت ظاهرة وواضحة فى جميع فجاج الأرض ، إلا أنها أظهر ما تكون وأوضح ما تكون فى أرض مصر التى كان يعيش فيها فرعون حيث تبدو الأرض فيها منبسطة ممهدة على جانبى النيل الممتد امتدادا كبيرا .

وكان الأجدر بفرعون - لو كان يعقل - أن يخلص العبادة لواهب هذه المنن ، ومسدى هذه النعم ، وهو الله رب العالمين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِيهَا سُبُلٗا وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّن نَّبَاتٖ شَتَّىٰ} (53)

ثم يستطرد فيعرض على فرعون آثار تدبير الله في الكون وآلائه على بني الإنسان . فيختار بعض هذه الآثار المحيطة بفرعون ، المشهودة له في مصر ذات التربة الخصبة والماء الموفور والزرع والأنعام :

( الذي جعل لكم الأرض مهدا ، وسلك لكم فيها سبلا ، وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى . كلوا وارعوا أنعامكم . إن في ذلك لآيات لأولي النهي ) . .

والأرض كلها مهد للبشر في كل مكان وزمان . مهد كمهد الطفل . وما البشر إلا أطفال هذه الأرض . يضمهم حضنها ويغذوهم درها ! وهي ممهدة لهم كذلك للسير والحرث والزرع والحياة . جعلها الخالق المدبر كذلك يوم أعطى كل شيء خلقه . فأعطى هذه الأرض خلقها على الهيئة التي خلقت بها صالحة للحياة التي قدرها فيها ؛ وأعطى البشر خلقهم كذلك على الهيئة التي خلقهم بها صالحين للحياة في هذه الأرض التي مهدها لهم وجعلها مهدهم . . المعنيان متقاربان متصلان .

وصورة المهد وصفة التمهيد لا تبدو في بقعة من الأرض كما تبدو في مصر . ذلك الوادي الخصيب الأخضر السهل الممهد الذي لا يحوج أهله إلا إلى أيسر الكد في زرعه وجناه . وكأنما هو المهد الحاني على الطفل يضمه ويرعاه .

والخالق المدبر الذي جعل الأرض مهدا ، شق للبشر فيها طرقا وأنزل من السماء ماء . ومن ماء المطر تتكون الأنهار وتفيض - ومنها نهر النيل القريب من فرعون - فيخرج النبات أزواجا من أجناس كثيرة . ومصر أظهر نموذج لأخراج النبات لطعام الإنسان ورعي الحيوان .

وقد شاء الخالق المدبر أن يكون النبات أزواجا كسائر الأحياء . وهي ظاهرة مطردة في الأحياء كلها . والنبات في الغالب يحمل خلايا التذكير ، وخلايا التأنيث في النبتة الواحدة وأحيانا يكون اللقاح في نبتة ذكر منفردة كما هو الحال في الفصائل الحيوانية . وبذلك يتم التناسق في نواميس الحياة ويطرد في كل الفصائل والأنواع . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِيهَا سُبُلٗا وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّن نَّبَاتٖ شَتَّىٰ} (53)

هذا من تمام كلام موسى فيما وصف به ربه ، عز وجل ، حين سأله فرعون عنه ، فقال : { الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } ، ثم اعترض الكلام بين ذلك ، ثم قال : { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مِهَادًا }

وفي قراءة بعضهم " مهدا " أي : قرارا تستقرون{[19399]} عليها وتقومون وتنامون عليها{[19400]} وتسافرون{[19401]} على ظهرها ، { وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا } أي : جعل لكم طرقا تمشون في مناكبها ، كما قال تعالى : { وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } [ الأنبياء : 31 ] .

{ وَأَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى } أي : [ من ]{[19402]} ألوان النباتات من زروع وثمار ، ومن حامض وحلو ، وسائر الأنواع .


[19399]:في ف: "يستقرون".
[19400]:في ف: "ويقومون وينامون عليها".
[19401]:في ف: "ويسافرون".
[19402]:زيادة من ف، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِيهَا سُبُلٗا وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّن نَّبَاتٖ شَتَّىٰ} (53)

{ الذي جعل لكم الأرض مهدا } مرفوع صفة ل { ربي } أو خبر لمحذوف أو منصوب على المدح . وقرأ الكوفيون هنا وفي " الزخرف " { مهدا } أي كالمهد تتمدونها ، وهو مصدر رسمي به ، والباقون مهادا وهو اسم ما يمهد كالفراش أو جمع مهد ولم يختلفوا في الذي في " النبأ " { وسلك لكم فيها سبلا } وجعل لكم فيها سبلا بين الجبال والأدوية والبراري تسلكونها من أرض إلى أرض لتبلغوا منافعها . { وأنزل من السماء ماء } مطرا . { فأخرجنا به } عدل به عن لفظ الغيبة إلى صيغة التكلم على الحكاية لكلام الله تعالى ، تنبيها على ظهور ما فيه من الدلالة على كمال القدرة والحكمة وإيذانا بأنه مطاع تنقاد الأشياء المختلفة لمشيئته ، وعلى هذا نظائره كقوله { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها أم من خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق } الآية . أزواجا أصنافا سميت بذلك لازدواجها واقتران بعضها ببعض . من نبات بيان أو صفة لأزواجا وكذلك : { شتى } ويحتمل أن يكون صفة ل { نبات } فإنه من حيث أنه مصدر في الأصل يستوي فيه الواحد والجمع ، وهو جمع شتيت كمريض ومرضى أي متفرقات في الصور والأغراض والمنافع يصلح بعضها للناس وبعضها للبهائم فلذلك قال : { كلوا وارعوا أنعامكم } .