وقوله : سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ ويَوْمَ يَمُوتُ ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيّا يقول : وأمان من الله يوم ولد ، من أن يناله الشيطان من السوء ، بما ينال به بني آدم ، وذلك أنه رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «كُلّ بَنِي آدَمَ يَأْتِي يَوْمَ القِيامَةِ وَلَهُ ذَنْبٌ إلاّ ما كانَ مِنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيّا » .
حدثنا بذلك ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : ثني ابن العاص ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : جَبّارا عَصِيّا قال : كان ابن المسيب يذكر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما مِنْ أحَدٍ يَلْقي اللّهَ يَوْمَ القِيامَةِ ، إلاّ ذَا ذَنْبٍ ، إلاّ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيّا » .
قال : وقال قتادة : ما أذنب ، ولا هم بامرأة .
وقوله : ويَوْمَ يَمُوتُ يقول : وأمان من الله تعالى ذكره له من فَتّانَيِ القبر ، ومن هول المطلع وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّا يقول : وأمان له من عذاب الله يوم القيامة ، يوم الفزع الأكبر ، من أن يروعه شيء ، أو أن يفزعه ما يفزع الخلق . وقد ذكر ابن عيينة في ذلك ما :
حدثني أحمد بن منصور الفَيروزِيّ ، قال : أخبرني صدقة بن الفضل قال : سمعت ابن عطية يقول : أوحش ما يكون الخلق في ثلاثة مواطن : يوم يولد فيرى نفسه خارجا مما كان فيه ، ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم ، ويوم يُبعث فيرى نفسه في محشر عظيم ، قال : فأكرم الله فيها يحيى بن زكريا ، فخصه بالسلام عليه ، فقال سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ ويَوْمَ يَمُوتُ ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيّا .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، أن الحسن قال : إن عيسى ويحيى التقيا فقال له عيسى : استغفر لي ، أنت خير مني ، فقال له الاَخر : استغفر لي ، أنت خير مني ، فقال له عيسى : أنت خير مني ، سَلّمت على نفسي ، وسلّم الله عليك ، فعرف والله فضلها .
الأظهر أنه عطف على { وءاتيناه الحكم صبياً } [ مريم : 12 ] مخاطباً به المسلمون ليعلموا كرامة يحيى عند الله .
والسّلام : اسم للكلام الذي يفاتح به الزائر والراحل فيه ثناء أو دعاء . وسمي ذلك سلاماً لأنه يشتمل على الدعاء بالسلامة ولأنه يؤذن بأن الذي أقدم هو عليه مسالم له لا يخشى منه بأساً . فالمراد هنا سلام من الله عليه ، وهو ثناء الله عليه ، كقوله { سلام قولاً من رب رحيم } [ يس : 58 ] . فإذا عرّف السلام باللام فالمراد به مثل المراد بالمنكّر أو مراد به العهد ، أي سلام إليه ، كما سيأتي في السلام على عيسى . فالمعنى : أن إكرام الله متمكن من أحواله الثلاثة المذكورة .
وهذه الأحوال الثلاثة المذكورة هنا أحوال ابتداءِ أطوار : طور الورود على الدنيا ، وطور الارتحال عنها ، وطور الورود على الآخرة . وهذا كناية على أنه بمحل العناية الإلهية في هذه الأحوال .
والمراد باليوم مطلق الزمان الواقع فيه تلك الأحوال .
وجيء بالفعل المضارع في { ويوم يموت } لاستحضار الحالة التي مات فيها ، ولم تذكر قصة قتله في القرآن إلاّ إجمالاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.