تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَسَلَٰمٌ عَلَيۡهِ يَوۡمَ وُلِدَ وَيَوۡمَ يَمُوتُ وَيَوۡمَ يُبۡعَثُ حَيّٗا} (15)

الآية 15 : وقوله تعالى : { وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا } يحتمل السلام عليه الوجوه الثلاثة :

أحدهما : اسم{[11927]} كل بر وخير ، أي عليه كل بر وخير في هذه الأحوال التي ذكر .

والثاني : السلام هو الثناء ؛ أثنى الله عليه من أول أمره إلى آخره وبعد الموت في الآخرة .

( والثالث ){[11928]} : أن يكون قوله : { وسلام عليه } أي السلامة عليه في هذه الأحوال التي يكون للشيطان في تلك الأحوال الاعتراض والنَّزْعُ فيها ؛ لأنه وقت الولادة يعترض ، ويفسد الولد ، إن وجد السبيل إليه ، وكذلك عند الموت يعترض ، ويسعى إفساد أمره . فأخبر أن يحيى كان سليما سالما عن نزعات الشيطان محفوظا عنه حتى لم يرتكب خطيئة ، ولا هم بها ، والله أعلم .

وفي قوله : { ويوم يموت } دلالة أن الموت والقتل سواء ، وإن ( كانا في الحقيقة مختلفين ) {[11929]} لأنه ذكر في القصة أن يحيى قُتِلَ ، ثم ذكر الموت ، فدل أنهما واحد .

فهذا يرد على المعتزلة حين{[11930]} قالوا : إن المقتول ميت قبل أجله .

وفيه أن قوله : { ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء } ( البقرة : 154 ) نهانا أن نسميهم أموتا في جهة ليس في الجهات كلها حين{[11931]} سمى يحيا ميتا ، وهو كان شهيدا على ما ذكر أنه قتل .

وفي{[11932]} قوله : { وآتيناه الحكم صبيا } استدلال لأبي حنيفة ، رحمه الله ، حين{[11933]} وقف في أولاد المسلمين والمشركين ، فقال : لا علم لي بهم ، ولم ( يقطع فيهم ) {[11934]} القول لما يجوز أن يجعل الله لهم من المعرفة{[11935]} والتمييز والفهم في حال صغرهم حتى يعرفوا خالقهم ومنشأهم على ما أعطى يحيى وعيسى في حال صباهما الحكم والفهم والمعرفة .


[11927]:أدرج قبلها: في الأصل و م: هو.
[11928]:في الأصل و م: أو.
[11929]:في الأصل و م: كان في الحقيقة مختلفا.
[11930]:في الأصل و م: حيث.
[11931]:في الأصل و م: حيث.
[11932]:الواو ساقطة من الأصل و م.
[11933]:في الأصل و م: حيث.
[11934]:من م، في الأصل: يقع فهم.
[11935]:في الأصل و م: المعتزلة.