جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَسَلَٰمٌ عَلَيۡهِ يَوۡمَ وُلِدَ وَيَوۡمَ يَمُوتُ وَيَوۡمَ يُبۡعَثُ حَيّٗا} (15)

وقوله : سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ ويَوْمَ يَمُوتُ ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيّا يقول : وأمان من الله يوم ولد ، من أن يناله الشيطان من السوء ، بما ينال به بني آدم ، وذلك أنه رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «كُلّ بَنِي آدَمَ يَأْتِي يَوْمَ القِيامَةِ وَلَهُ ذَنْبٌ إلاّ ما كانَ مِنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيّا » .

حدثنا بذلك ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : ثني ابن العاص ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : جَبّارا عَصِيّا قال : كان ابن المسيب يذكر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما مِنْ أحَدٍ يَلْقي اللّهَ يَوْمَ القِيامَةِ ، إلاّ ذَا ذَنْبٍ ، إلاّ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيّا » .

قال : وقال قتادة : ما أذنب ، ولا هم بامرأة .

وقوله : ويَوْمَ يَمُوتُ يقول : وأمان من الله تعالى ذكره له من فَتّانَيِ القبر ، ومن هول المطلع وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّا يقول : وأمان له من عذاب الله يوم القيامة ، يوم الفزع الأكبر ، من أن يروعه شيء ، أو أن يفزعه ما يفزع الخلق . وقد ذكر ابن عيينة في ذلك ما :

حدثني أحمد بن منصور الفَيروزِيّ ، قال : أخبرني صدقة بن الفضل قال : سمعت ابن عطية يقول : أوحش ما يكون الخلق في ثلاثة مواطن : يوم يولد فيرى نفسه خارجا مما كان فيه ، ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم ، ويوم يُبعث فيرى نفسه في محشر عظيم ، قال : فأكرم الله فيها يحيى بن زكريا ، فخصه بالسلام عليه ، فقال سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ ويَوْمَ يَمُوتُ ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيّا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، أن الحسن قال : إن عيسى ويحيى التقيا فقال له عيسى : استغفر لي ، أنت خير مني ، فقال له الاَخر : استغفر لي ، أنت خير مني ، فقال له عيسى : أنت خير مني ، سَلّمت على نفسي ، وسلّم الله عليك ، فعرف والله فضلها .