المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (51)

51- ولقد أنزل الله القرآن عليهم متواصلا بعضه إثر بعض حسبما تقتضيه الحكمة ، ومتتابعا وعدا ووعيدا وقصصا وعبرا ، ليتدبروا ويؤمنوا بما فيها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (51)

قوله تعالى : { ولقد وصلنا لهم القول } قال ابن عباس رضي الله عنهما : بينا . قال الفراء : أنزلنا آيات القرآن يتبع بعضها بعضاً . قال قتادة : وصل لهم القول في هذا القرآن ، يعني كيف صنع بمن مضى . قال مقاتل : بينا لكفار مكة بما في القرآن من أخبار الأمم الخالية كيف عذبوا بتكذيبهم . وقال ابن زيد : وصلنا لهم خبر الدنيا بخبر الآخرة حتى كأنهم عاينوا الآخرة في الدنيا . { لعلهم يتذكرون* }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (51)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ وَصّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ * الّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ولقد وصلنا يا محمد لقومك من قريش ولليهود من بني إسرائيل القول بأخبار الماضين والنبأ عما أحللنا بهم من بأسنا ، إذ كذّبوا رسلنا ، وعما نحن فاعلون بمن اقتفى آثارهم ، واحتذى في الكفر بالله ، وتكذيب رسله مثالهم ، ليتذكروا فيعتبروا ويتعظوا . وأصله من : وصل الحبال بعضها ببعض ومنه قول الشاعر :

فَقُلْ لِبَنِي مَرْوَانَ ما بالُ ذِمّةٍ *** وَحَبْلٍ ضَعِيفٍ ما يَزَالُ يُوَصّلُ

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم ببيانهم عن تأويله ، فقال بعضهم : معناه بيّنا . وقال بعضهم معناه : فصلنا . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن ليث ، عن مجاهد ، قوله وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ قال : فصلنا لهم القول .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ قال : وصل الله لهم القول في هذا القرآن ، يخبرهم كيف صنع بمن مضى ، وكيف هو صانع لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا محمد بن عيسى أبو جعفر ، عن سفيان بن عيينة : وصلنا : بيّنا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ الخبر ، خبر الدنيا بخبر الاَخرة ، حتى كأنهم عاينوا الاَخرة ، وشهدوها في الدنيا ، بما نريهم من الاَيات في الدنيا وأشباهها . وقرأ إنّ فِي ذلكَ لاَيَةً لِمَنْ خافَ عَذَابَ الاَخِرَةِ وقال : إنا سوف ننجزهم ما وعدناهم في الاَخرة ، كما أنجزنا للأنبياء ما وعدناهم ، نقضي بينهم وبين قومهم .

واختلف أهل التأويل ، فيمن عنى بالهاء والميم من قوله وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ فقال بعضهم : عنى بهما قريشا . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ قال : قريش .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ قال : لقريش .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ولَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ قال : يعني محمدا صلى الله عليه وسلم .

وقال آخرون : عُنِي بهما اليهود . ذكر من قال ذلك :

حدثني بشر بن آدم ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : حدثنا عمرو بن دينار ، عن يحيى بن جعدة ، عن رفعة القرظي ، قال : نزلت هذه الاَية في عشرة أنا أحدهم وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ .

20953حدثنا ابن سنان ، قال : حدثنا حيان ، قال : حدثنا حماد ، عن عمرو ، عن يحيى بن جعدة ، عن عطية القُرَظِيّ قال : نزلت هذه الاَية وَلَقَدْ وَصّلْنا لَهُمُ القَوْلَ لَعلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ حتى بلغ إنّا كُنّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ في عشرة أنا أحدهم ، فكأن ابن عباس أراد بقوله : يعني محمدا : لعلهم يتذكرون عهد الله في محمد إليهم ، فيقرّون بنبوّته ويصدّقونه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (51)

عطف على جملة { ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم } [ القصص : 47 ] الآية ، وما عطف عليها من قوله { فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى } [ القصص : 48 ] .

والتوصيل : مبالغة في الوصل ، وهو ضم بعض الشيء إلى بعض يقال : وصل الحبل إذا ضم قطعه بعضها إلى بعض فصار حبلاً .

والقول مراد به القرآن قال تعالى { إنه لقول فصل } [ الطارق : 13 ] وقال { إنه لقول رسول كريم } [ الحاقة : 40 ] ، فالتعريف للعهد ، أي القول المعهود . وللتوصيل أحوال كثيرة فهو باعتبار ألفاظه وصل بعضه ببعض ولم ينزل جملة واحدة ، وباعتبار معانيه وصل أصنافاً من الكلام : وعداً ، ووعيداً ، وترغيباً ، وترهيباً ، وقصصاً ومواعظ وعبراً ، ونصائح يعقب بعضها بعضاً وينتقل من فن إلى فن وفي كل ذلك عون على نشاط الذهن للتذكر والتدبر .

واللام و ( قد ) كلاهما للتأكيد رداً عليه إذ جهلوا حكمة تنجيم نزول القرآن وذُكرت لهم حكمة تنجيمه هنا بما يرجع إلى فائدتهم بقوله { لعلهم يذَّكَرون= } . وذكر في آية سورة [ الفرقان : 32 ] حكمة أخرى راجعة إلى فائدة الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله { وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنُثبِّت به فؤادك } وفهم من ذلك أنهم لم يتذكروا . وضمير { لهم } عائد إلى المشركين .