المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنۡهُم مَّنۡ حَقَّتۡ عَلَيۡهِ ٱلضَّلَٰلَةُۚ فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (36)

36- ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ليقول لهم : اعبدوا الله - وحده - واجتنبوا كل طاغية مفسد ، فبلغهم وأرشدهم ، ففريق استمع إلى الإرشاد وتقبله ، فهداه الله بحسن استعداده إلى الطريق المستقيم ، وفريق أعرض عن سماع الحق فانحرف عن سواء السبيل ، فأنزل الله به العذاب . وإذا كنتم في شك من هذا - يا مشركي مكة - فسيروا في الأرض ، قريباً منكم ، فانظروا وتأملوا كيف حل بالمكذبين - من عاد وثمود وقوم لوط - عذاب الله ، وكيف كانت عاقبة أمرهم خسراناً وهلاكاً ؟ ! .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنۡهُم مَّنۡ حَقَّتۡ عَلَيۡهِ ٱلضَّلَٰلَةُۚ فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (36)

قوله تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً } أي : كما بعثنا فيكم ، { أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } ، وهو كل معبود من دون الله ، { فمنهم من هدى الله } أي : هداه الله إلى دينه ، { ومنهم من حقت عليه الضلالة } أي : وجبت بالقضاء السابق حتى مات على كفره ، { فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين } أي : مآل أمرهم ، وهو خراب منازلهم بالعذاب والهلاك .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنۡهُم مَّنۡ حَقَّتۡ عَلَيۡهِ ٱلضَّلَٰلَةُۚ فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (36)

ثم بين - سبحانه - أن من رحمته بعباده ، أن أرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين ؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ، فقال - تعالى - : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت . . } .

والطاغوت : اسم لكل معبود من دون الله - تعالى - ، كالأصنام والأوثان وغير ذلك من المعبودات الباطلة ، مأخوذ من طغا يطغى طغوا . . إذا جاوز الحد فى الضلال .

أى : ولقد اقتضت حكمتنا ورحمتنا أن نبعث فى كل أمة ، من الأمم السالفة { رسولا } من رسلنا الكرام ، ليرشدوا الناس إلى الحق والخير ، وليقولوا { أَنِ اعبدوا الله } - تعالى - وحده ، { واجتنبوا } عبادة { الطاغوت } الذى يضل ولا يهدى .

وأكد - سبحانه - الجملة باللام وقد ، للرد على ما زعمه المشركون من أن الله - تعالى - لم ينكر عليهم عبادتهم لغيره ، وأنه - سبحانه - راض لتحريمهم لما أحله . حيث بين لهم - عز وجل - أنه قد أرسل الرسل للدعوة إلى عبادته وحده ، ولتجنب عبادة أحد سواه . و " أن " فى قوله { أن اعبدوا . . } تفسيرية ، لأن البعث يتضمن معنى القول ، إذ هو بعث للتبليغ .

ثم بين - سبحانه - موقف هؤلاء الأقوام من رسلهم فقال - تعالى - : { فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى الله وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضلالة . . } .

أى : بعثنا فى كل أمة من الأمم السابقة رسولا لهداية أبنائها فمن هؤلاء الأبناء من هداهم الله - تعالى - إلى الحق وإلى الصراط المستقيم . بأن وفقهم إليه ، لانشراح صدورهم له ، ومنهم من ثبتت وحقت عليه الضلالة ، لاستحبابه العمى على الهدى .

وأسند - سبحانه - هداية بعض أفراد هذه الأمم إليه ، مع أنه أمر جميعهم - على ألسنة رسله - بالدخول فى طريق الهدى ، للرد على المشركين الذين أحالوا شركهم وفسوقهم على مشيئة الله ، إذ أن الله - تعالى - قد بين للناس جميعا طرق الخير وطرق الشر ، فمنهم من استجاب للأولى ، ومنهم من انحدر إلى الثانية ، وكلاهما لم يقسره الله - تعالى - قسرا على الهدى أو الضلال .

فاهتداء المهتدين إنما هو بسبب اختيارهم لذلك ، واتباعهم الرسل ، وضلال الضالين إنما هو بسبب استحواذ الشيطان عليهم .

وعبر - سبحانه - فى جانب الضالين بقوله : { وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضلالة } للإِشارة إلى أنهم لم يتسجيبوا لما أرشدهم - سبحانه - إليه ، بل ظلوا ثابتين مصممين على البقاء فى طريق الضلالة ، { فَلَمَّا زاغوا أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ والله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين } وقوله - سبحانه - : { فَسِيرُواْ فِي الأرض فانظروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المكذبين } . تحريض لهم على التأمل فى آثار المكذبين ، لعلهم عن طريق هذا التأمل والتدبر يثوبون إلى رشدهم ، ويعودون إلى صوابهم ، ويدركون سنة من سنن الله فى خلقه ، وهى أن العاقبة الطيبة للمتقين ، والعاقبة السيئة للكافرين .

والفاء فى قوله { فسيروا . . } للتفريع ، وقد جئ بها للإِشعار بوجوب المبادرة إلى التأمل والاعتبار .

أى : إن كنتم فى شك مما أخبرناكم به ، فسارعوا إلى السير فى الأرض ، لتروا بأعينكم آثار المجرمين ، الذين كذبوا الرسل وأسندوا شركهم إلى مشيئة الله . لقد نزل بهؤلاء المكذبين عذاب الله ، فدمرهم تدميرا

{ وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ وَبِالَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنۡهُم مَّنۡ حَقَّتۡ عَلَيۡهِ ٱلضَّلَٰلَةُۚ فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (36)

لما أشار قوله تعالى : { فهل على الرسل إلا البلاغ المبين } [ النحل : 35 ] إلى إقامة الحجة حسبما ذكرناه بين ذلك في هذه الآية ، أي إنه بعث الرسل آمراً بعبادته وتجنب عبادة غيره ، و { الطاغوت } في اللغة كل ما عُبد من دون الله من آدمي راض بذلك ، أو حجر أو خشب ، ثم أخبر أن منهم من اعتبر وهداه الله ونظر ببصيرته ، ومنهم أيضاً من أعرض وكفر { فحقت عليه الضلالة } ، وهي مؤدية إلى النار حتماً ، ومنه من أدته إلى عذاب الله في الدنيا ، ثم أحالهم في علم ذلك على الطلب في الأرض واستقراء الأمم والوقوف على عواقب الكافرين المكذبين .