المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰٓ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَفَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَرَكَٰتٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذۡنَٰهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (96)

96- ولو أن أهل تلك القرى آمنوا بما جاء به الرسل ، وعملوا بوصاياهم وابتعدوا عما حرَّمه الله لأعطيناهم بركات من السماء والأرض ، كالمطر والنبات والثمار والأنعام والأرزاق والأمن والسلامة من الآفات ، ولكن جحدوا وكذبوا الرسل ، فأصبناهم بالعقوبات وهم نائمون ، بسبب ما كانوا يقترفون من الشرك والمعاصي ، فأخذهم بالعقوبة أَثرٌ لازم لكسبهم القبيح ، وعبرة لأمثالهم إن كانوا يعقلون .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰٓ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَفَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَرَكَٰتٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذۡنَٰهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (96)

قوله تعالى : { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض } ، يعني : المطر من السماء ، والنبات من الأرض . وأصل البركة : المواظبة على الشيء ، أي تابعنا عليهم المطر والنبات ورفعنا عنهم القحط والجدب .

قوله تعالى : { ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون } من الأعمال الخبيثة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰٓ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَفَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَرَكَٰتٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذۡنَٰهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (96)

ثم بين - سبحانه - أن سنته قد جرت بفتح أبواب خيراته للمحسنين ، وبإنزال نقمه على المكذبين الضالين فقال : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى آمَنُواْ واتقوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السمآء والأرض } .

البركات : جمع بركة : وهى ثبوت الخير الإلهى في الشىء ، وسمى بذلك لثبوت الخير فيه كما يثبت الماء في البركة .

قال الراغب : ولما كان الخير الإلهى يصدر من حيث لا يحس ، وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر ، قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة هو مبارك وفيه بركة " .

والمعنى : ولو أن أهل تلك القرى المهلكة آمنوا بما جاء به الرسل . واتقوا ما حرمه الله عليهم ، لآتيناهم بالخير من كل وجه . ولوسعنا عليه الرزق سعة عظيمة ، ولعاشوا حياتهم عيشة رغدة لا يشوبها كدر ، ولا يخالطها خوف .

وفى قوله : { فَتَحْنَا } استعارة تبعيه ، لأنه شبه تيسير البركات وتوسعتها عليهم بفتح الأبواب في سهولة التناول .

وقيل : المراد بالبركات السماوية المطر ، وبالبركات الأرضية النبات والثمار وجميع ما فيها من خيرات .

وقوله : { ولكن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } بيان لموقفهم الجحودى .

أى : ولكنهم لم يؤمنوا ولم يتقوا بل كذبوا الرسل الذين جاءوا لهدايتهم فكانت نتيجة تكذيبهم وتماديهم في الضلال أن عاقبناهم بالعقوبة التي تناسب جرمهم واكتاسبهم للمعاصى ، فتلك هى سنتنا التي لا تتخلف ، نفتح للمؤمنين المتقين أبواب الخيرات ، وننقتم من المكذبين الضالين بفنون العقوبات .

وقد يقال : إننا ننظر فنرى كثيرا من الكافرين والعصاة مفتوحا عليهم في الرزق والقوة والنفوذ وألوان الخير ، وترى كثيرا من المؤمنين مضيقاً عليهم في الرزق وفى غيره من وجوه النعم ، فأين هذا من سنة الله التي حكتها الآية الكريمة ؟

والجواب على ذلك أن الكافرين والعصاة قد يبسط لهم في الأرزاق وفى ألوان الخيرات بسطا كبيراً ، ولكن هذا على سبيل الاستدراج كما في قوله - تعالى - : { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حتى إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أوتوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } ومما لا شك فيه أن الابتلاء بالنعمة الذي مر ذكره في الآية السابقة { ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السيئة الحسنة حتى عَفَوْاْ } لا يقل خطراً عن الابتلاء بالشدة . فقد ابتلى الله كثيراً من الناس بألوان النعم فأشروا وبطروا ولم يشكروه عليها فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر .

وشتان بين نعم تساق لإنسان على سبيل الاستدراج في الشرور والآثام فتكون نقمة على صاحبها لأنه يعاقب عقابا شديداً بسبب سوء استعمالها ، وبين النعم التي وعد بها من يؤمنون ويتقون . إنها نعم مصونة عن المحق والسلب والخوف ، لأن أصحابها شكروا الله عليها .

واستعملوها فيما خلقت له ، فكانت النتيجة أن زادهم الله غنى على غناهم ، وأن منحهم الأمان والاطمئنان وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰٓ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَفَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَرَكَٰتٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذۡنَٰهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (96)

{ ولو أن أهل القرى } يعني القرى المدلول عليها بقوله : { وما أرسلنا في قرية من نبي } وقيل مكة وما حولها . { آمنوا واتقوا } مكان كفرهم وعصيانهم . { لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض } لوسعنا عليهم الخير ويسرناه لهم من كل جانب وقيل المراد المطر والنبات . وقرأ ابن عامر " لفتّحنّا " بالتشديد . { ولكن كذبوا } الرسل . { فأخذناهم بما كانوا يكسبون } من الكفر والمعاصي .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰٓ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَفَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَرَكَٰتٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذۡنَٰهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (96)

وقوله تعالى : { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا } الآية المعنى في هذه الآية أنهم لو كانوا ممن سبق في علم الله أن يكتسبوا الإيمان والطاعات ويتصفوا بالتقى لتبع ذلك من فضل الله ورحمته وإنعامه ما ذكر من بركات المطر والنبات ولكنهم لما كانوا ممن سبق كفرهم وتكذيبهم تبع ذلك أخذ الله لهم بسوء ما اجترموه ، وكل مقدور ، والثواب والعقاب متعلق بكسب البشر ، وبسببه استندت الأفعال إليهم في قوله : { آمنوا واتقوا } وفي { كذبوا } وقرأ الستة من القراء السبعة «لفتحَنا » بخفيف التاء وهي قراءة الناس ، وقرأ ابن عامر وحده وعيسى الثقفي وأبو عبد الرحمن : «لفتّحنا » بتشديد التاء ، وفتح البركات إنزالها على الناس ومنه قوله تعالى : { ما يفتح الله للناس من رحمة } ومنه قالت الصوفية : الفتوح والبركات النمو والزيادات ، ومن السماء لجهة المطر والريح والشمس ، ومن الأرض لجهة الإنبات والحفظ لما ينبت ، هذا هو الذي يدركه نظر البشر ولله خدام غير ذلك لا يحصى عددهم ، وما في علم الله أكثر .