إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰٓ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَفَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَرَكَٰتٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذۡنَٰهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (96)

{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى } أي القرى المُهلَكة المدلولَ عليها بقوله تعالى : { في قَرْيَةٍ } وقيل : هي مكةُ وما حولها من القُرى المنتظمةِ لما ذكر هاهنا انتظاماً أولياً { ءامَنُواْ } بما أوحيَ إلى أنبيائهم معتبِرين بما جرى عليهم من الابتلاء بالضراء والسراء { واتقوا } أي الكفرَ والمعاصيَ أو اتقَوْا ما أُنذروا به على ألسنة الأنبياءِ ولم يُصِرّوا على ما فعلوا من القبائح ولم يحمِلوا ابتلاء الله تعالى على عادات الدهر وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : وحَّدوا الله واتقَوا الشر { لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بركات منَ السماء والأرض } لوسّعنا عليهم الخيرَ ويسّرناه لهم من كل جانبٍ مكانَ ما أصابهم من فنون العقوباتِ التي بعضُها من السماء وبعضُها من الأرض . وقيل : المرادُ المطرُ والنباتُ وقرئ لفتّحنا بالتشديد للتكثير { ولكن كَذَّبُواْ } أي ولكن لم يؤمنوا ولم يتقوا وقد اكتُفي بذكر الأولِ لاستلزامه للثاني { فأخذناهم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } من أنواع الكفرِ والمعاصي التي من جملتها قولُهم : قد مس آباءَنا الخ ، وهذا الأخذُ عبارةٌ عما في قوله تعالى : { فأخذناهم بَغْتَةً } لا عن الجدب والقَحطِ كما قيل فإنهما قد زالا بتبديل الحسنةِ مكانَ السيئة .