المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمۡ فِي بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِسۡرَارَهُمۡ} (26)

26 - ذلك الارتداد بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزَّل الله : سنطيعكم في بعض الأمر ، والله يعلم أسرار هؤلاء المنافقين . فهذا حالهم في حياتهم ، أم حين تتوفاهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم إذلالاً لهم فهذا ما لا يتصورنه ولن يقدروا على احتماله .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمۡ فِي بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِسۡرَارَهُمۡ} (26)

قوله تعالى : { ذلك بأنهم } يعني المنافقين أو اليهود ، { قالوا للذين كرهوا ما نزل الله } وهم المشركون ، { سنطيعكم في بعض الأمر } في التعاون على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم والقعود عن الجهاد ، وكانوا يقولونه سراً فأخبر الله تعالى عنهم ، { والله يعلم إسرارهم } قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر : بكسر الهمزة ، على المصدر ، والباقون بفتحها على جمع السر .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمۡ فِي بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِسۡرَارَهُمۡ} (26)

ثم بين - سبحانه - أسباب هذا الارتداء فقال : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ الله سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمر } .

أى : ذلك الارتداء عن الحق والتردى فى الباطل . بسبب أن هؤلاء المنافقين قالوا للذين كرهوا ما نزل الله من الهدى على نبيه - صلى الله عليه وسلم - وهم اليهود ومن على شاكلتهم ، قالوا لهم : { سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمر } أى : سنطيعكم فى بعض أموركم وأحوالكم التى على رأسها : العداوة لهذا الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولما جاء به من عند ربه .

كما قال - تعالى - حكاية عنهم فى آية أخرى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ والله يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } وقوله - سبحانه - : { والله يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ } تهديد لهم على هذا الدس والكيد والتآمر على الإِِسلام وأتباعه . أى : والله - تعالى - يعلم ما يسرونه من أقوال سيئة ، ومن أفعال قبيحة ، وسيعاقبهم على ذلك عقابا شديدا .

وكلمة { إِسْرَارَهُمْ } - بكسر الهمزة - مصدر أسررت إسرارا ، بمعنى كتمت الشئ وأخفيته وقرأ بعض القراء السبعة { أسرارهم } - بفتح الهمزة - جمع سر . يعلم الأشياء التى يسرونها ويخفونها .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمۡ فِي بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِسۡرَارَهُمۡ} (26)

{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نزلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمْرِ }

أي : مالئوهم وناصحوهم في الباطن على الباطل ، وهذا شأن المنافقين يظهرون خلاف ما يبطنون ؛ ولهذا قال الله عز وجل : { وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ } أي : [ يعلم ]{[26713]} ما يسرون وما يخفون ، الله مطلع عليه وعالم به ، كقوله : { وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ } [ النساء : 81 ] .


[26713]:- (1) زيادة من ت.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمۡ فِي بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِسۡرَارَهُمۡ} (26)

استئناف بياني إذ التقدير أن يسأل سائل عن مظهر تسويل الشيطان لهم الارتدادَ بعد أن تبين لهم الهدى ، فأجيب بأن الشيطان استدرجهم إلى الضلال عندما تبين لهم الهدى فسوّل لهم أن يوافقوا أهل الشرك والكفر في بعض الأمور مسولاً أن تلك الموافقة في بعض الأمر لا تنقض اهتداءهم فلما وافقوهم وجدوا حلاوة ما ألفوه من الكفر فيما وافقوا فيه أهل الكفر فأخذوا يعودون إلى الكفر المألوف حتى ارتدوا على أدبارهم . وهذا شأن النفس في معاودة ما تحبه بعد الانقطاع عنه إن كان الانقطاع قريب العهد .

فمعنى { قالوا } : قالوا قولاً عن اعتقاد ورأي ، وإنما قالوا : { في بعض الأمر } احترازاً لأنفسهم إذا لم يطيعوا في بعض .

و { الذين كرهوا ما نزّل الله } هم الذين كرهوا القرآن وكفروا ، وهم : إما المشركون من أهل مكة قال تعالى فيهم { ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم } [ محمد : 9 ] وقد كانت لهم صلة بأهل يثرب فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة اشتد تعهد أهل مكة لأصحابهم من أهل يثرب ليتطلعوا أحوال المسلمين ، ولعلهم بعد يوم بدر كانوا يكيدون للمسلمين ويتأهبون للثأر منهم الذي أنجزوه يوم أحد . وإما اليهود من قريظة والنضير فقد حكى الله عنهم في قوله : { ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب } [ الحشر : 11 ] .

فالمراد ب { بعض الأمر } على الوجه الأول في محمل قوله : { إن الذين ارتدوا على أدبارهم } [ محمد : 25 ] إفشاء بعض أحوال المسلمين إليهم وإشعارهم بوفرة عدد المنافقين وإن كانوا لا يقاتلون لكراهتهم القتال . والمراد ب { بعض الأمر } على الوجه الثاني بعض أمر القتال ، يعنون تلك المكيدة التي دبروها للانخزال عن جيش المسلمين .

والأمر هو : شأن الشرك وما يلائم أهله ، أي نطيعكم في بعض الكفر ولا نطيعكم في جميع الشؤون لأن ذلك يفضح نفاقهم ، أو المراد في بعض ما تأمروننا به من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول كالخلق على المخلوق .

وأيًّا مَّا كان فهمُ قالوا ذلك للمشركين سرّاً فاطلع الله عليه نبيئه صلى الله عليه وسلم ولذلك قال تعالى : { والله يعلم أسرارهم } . وقرأ الجمهور { أسرارهم } بفتح الهمزة جمع سرّ . وقرأه حمزة والكسائي وحفص عن عاصم وخلف بكسر الهمزة مصدر أسَرَّ .