قوله تعالى : { وقيله يا رب } يعني قول محمد صلى الله عليه وسلم شاكياً إلى ربه : يا رب ، { إن هؤلاء قوم لا يؤمنون } قرأ عاصم وحمزة وقيله بجر اللام والهاء ، على معنى : وعنده علم الساعة وعلم قيله يا رب ، وقرأ الآخرون بالنصب ، وله وجهان : أحدهما معناه : أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم وقيله يا رب ، والثاني : وقال قيله .
ثم حكى - سبحانه - ما تضع بره الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى ربه فقال : { يارب إِنَّ هؤلاء قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ } .
والقيل ، والقال ، والقول . . كلها مصادر بمعنى واحد . والضمير يعود إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم وقراءة الجمهور بفتح اللام وضم الهاءن وعلى أنه معطوف على قوله - تعالى - قبل ذلك : { سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم } ويكون مقول القول : { يارب إِنَّ هؤلاء قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ } .
والمعنى : أيحسب هؤلاء الكافرون الجاهلون ، أننا لا نسمع سرهم ونجواهم ، ونسمع تضرع رسولنا إلينا بقوله : { يارب إِنَّ هؤلاء قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ } .
إن كانوا يحسبون ذلك الحسبان ، فقد كذبوا وخسروا ، لأننا نعلم ذلك وغيره علما تاما . ويصح أن يكون قوله - تعالى - { وَقِيلِهِ } منصوبا بفعل محذوف والتقدير : ويعلم قيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون . .
وقرأ عاصم وحمزة { وقيلِهِ } بكسر اللام والهاء ، عطفا على الساعة أى : وعنده - سبحانه - علم الساعة ، وعلم قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - يا رب إن هؤلاء المشركين قوم لا يؤمنون .
والتعبير بالنداء لفظ الرب ، يعشر بالقرب ، ويوحى بالإِجابة ويفيد كمال التضرع . .
كما أن التعبير بقوله { قَوْمٌ } يشير إلى أن كفرهم كان كفرا جماعيا ، لا كفرا فرديا
وقوله : { وَقِيلِهِ{[26153]} يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ } أي : وقال : محمد : قيله ، أي : شكا إلى ربه شكواه من قومه الذين كذبوه ، فقال : يا رب ، إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ، كما أخبر تعالى في الآية الأخرى : { وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } [ الفرقان : 30 ] وهذا الذي قلناه هو [ معنى ]{[26154]} قول ابن مسعود ، ومجاهد ، وقتادة ، وعليه فسر ابن جرير{[26155]} .
قال البخاري : وقرأ عبد الله - يعني ابن مسعود - : " وقال الرسول يا رب " . {[26156]}
وقال مجاهد في قوله : { وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ } ، قال : فأبر الله قول محمد .
وقال قتادة : هو قول نبيكم صلى الله عليه وسلم يشكو قومه إلى ربه عز وجل .
ثم حكى ابن جرير في قوله : { وَقِيلِهِ يَا رَبِّ } قراءتين ، إحداهما النصب ، ولها توجيهان : أحدهما أنه معطوف على قوله : { نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ } [ الزخرف : 80 ] والثاني : أن يقدر فعل ، وقال : قيلَه . والثانية : الخفض ، وقيلِهِ ، عطفا على قوله : { وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ } تقديره : وعِلم قيله .
{ وقيله } وقول الرسول ونصبه للعطف على سرهم ، أو على محل الساعة أو لإضمار فعله أي وقال { قيله } . وجره عاصم وحمزة عطفا على { الساعة } ، وقرئ بالرفع على أنه مبتدأ خبره . { يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون } أو معطوف على { علم الساعة } بتقدير مضاف ، وقيل هو قسم منصوب بحذف الجار أو المجرور بإضماره ، أو مرفوع بتقدير { وقيله يا رب } قسمي ، و{ إن هؤلاء } جوابه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.