المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَيۡنَاۖ قَالُوٓاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنطَقَ كُلَّ شَيۡءٖۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (21)

21- وقال أعداء الله لجلودهم : لم شهدتم علينا ؟ قالوا : أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ، وهو خلقكم أول مرة من العدم ، وإليه - وحده - ترجعون بعد البعث فيحاسبكم على ما قدمتم من عمل .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَيۡنَاۖ قَالُوٓاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنطَقَ كُلَّ شَيۡءٖۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (21)

قوله تعالى : { وقالوا } يعني الكفار الذين يحشرون إلى النار ، { لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء } تم الكلام هاهنا . وقال الله تعالى : { وهو خلقكم أول مرة } وليس هذا من جواب الجلود . { وإليه ترجعون* }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَيۡنَاۖ قَالُوٓاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنطَقَ كُلَّ شَيۡءٖۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (21)

ثم حكى - سبحانه - ما يقوله هؤلاء الكافرون لجوارحهم على سبيل التوبيخ والتعجيب فقال : { وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا . . }

أى : وقال هؤلاء الكافرون لجلودهم التى تشمل جميع جوارحهم بتعجب وذهول : لماذا شهدتم علينا مع أننا ما دافعنا إلا عنكم ، لكى ننقذكم من النار ؟

وهنا ترد عليهم جوارهم بقولها - كما حكى سبحانه عنها - { قالوا أَنطَقَنَا الله الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ . . . }

أى : قالوا فى الرد عليهم : أنطقنا الله - تعالى - الذى أنطق كل شئ بقدرته التى لا يعدزها شئ { وهو } - سبحانه - الذى { خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } ولم تكونوا شيئا مذكورا .

{ وَإِلَيْهِ } وحده { تُرْجَعُونَ } فيحاسبكم على أعمالكم ، ويحكم فيكم بحكمه العادل .

وقد ساق الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية عددا من الأحاديث ، منها ما جاء عن أنس ابن مالك - رضى الله عنه - قال : " ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وتبسم فقال : " ألا تسألون عن أى شئ ضحكت " ؟ قالوا : يا رسول الله ، من أى شئ ضحكت ؟ قال : " عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة ، يقول : أى ربى ، أليس قد وعدتنى أن لا تظلمنى ؟ قال : بلى . فيقول : فإنى لا أقبل على شاهدا إلا من نفسى . فيقول الله - تعالى - : أو ليس كفى بى شهيدا . وبالملائكة الكرام الكاتبين ؟ قال : فيردد هذا الكلام مرارا قال : فيختم على فيه ، وتتكلم أركانه بما كان يعمل . فيقول : بعدا لكن وسحقا ، فعنكن كنت أجادل " " .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { اليوم نَخْتِمُ على أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَيۡنَاۖ قَالُوٓاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنطَقَ كُلَّ شَيۡءٖۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (21)

( ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون . حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون . وقالوا لجلودهم : لم شهدتم علينا ? قالوا : أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة ، وإليه ترجعون . وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ، ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون . وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم ، فأصبحتم من الخاسرين . فإن يصبروا فالنار مثوى لهم . وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين . . )

إنها المفاجأة الهائلة في الموقف العصيب . وسلطان الله الذي تطيعه جوارحهم وتستجيب . وهم يوصمون بأنهم أعداء الله . فما مصير أعداء الله ? إنهم يحشرون ويجمع أولهم على آخرهم وآخرهم على أولهم كالقطيع ! إلى أين ? إلى النار ! حتى إذا كانوا حيالها وقام الحساب ، إذا شهود عليهم لم يكونوا لهم في حساب . إن ألسنتهم معقودة لا تنطق ، وقد كانت تكذب وتفتري وتستهزىء . وإن أسماعهم وأبصارهم وجلودهم تخرج عليهم ، لتستجيب لربها طائعة مستسلمة ، تروي عنهم ما حسبوه سراً . فقد يستترون من الله . ويظنون أنه لا يراهم وهم يتخفون بنواياهم ، ويتخفون بجرائمهم . ولم يكونوا ليستخفوا من أبصارهم وأسماعهم وجلودهم . وكيف وهي معهم ? بل كيف وهي أبعاضهم ? ! وها هي ذي تفضح ما حسبوه مستوراً عن الخلق أجمعين . وعن الله رب العالمين !

يا للمفاجأة بسلطان الله الخفي ، يغلبهم على أبعاضهم فتلبي وتستجيب !

( وقالوا لجلودهم : لم شهدتم علينا ? ) . .

فإذا هي تجبههم بالحقيقة التي خفيت عليهم في غير مواربة ولا مجاملة :

( قالوا : أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء )?

أليس هو الذي جعل الألسنة هي الناطقة ? وإنه لقادر على أن يجعل سواها . وقد أنطق كل شيء فهو اليوم يتحدث وينطق ويبين .

( وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ) . .

فإليه المنشأ وإليه المصير ، ولا مفر من قبضته في الأول وفي الأخير .

وهذا ما أنكروه بالعقول . وهذا ما تقرره لهم الجلود !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَيۡنَاۖ قَالُوٓاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنطَقَ كُلَّ شَيۡءٖۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (21)

ثم ذكر الله تعالى محاورتهم لجلودهم في قولهم : { لم شهدتم علينا } أي وعذابنا عذاب لكم .

واختلف الناس ما المراد بالجلود ؟ فقال جمهور الناس : هي الجلود المعروفة . وقال عبد الله بن أبي جعفر : كنى بالجلود عن الفروج ، وإياها أراد . وأخبر تعالى أن الجلود ترد جوابهم بأن الله الخالق المبدئ المعيد هو الذي أنطقهم .

وقوله : { أنطق كل شيء } يريد كل ناطق مما هي فيه عادة أو خرق عادة .