جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَيۡنَاۖ قَالُوٓاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنطَقَ كُلَّ شَيۡءٖۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (21)

{ وقالوا لجلودهم } ، خص الجلود بالسؤال لأن الشهادة منها أعجب إذ ليس شأنها الإدراك بخلاف السمع والبصر { لم شهدتم علينا } : لأي علة ؟ ! وبأي موجب ؟ ! { قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء }أي : كل شيء ينطق فما شهدنا اختيارا ، بل اضطرارا ، والأعضاء في القيامة هي الناطقة بالحقيقة{[4415]} وفيها القدرة والإرادة ، لا كنطق ينسب إلى الجملة ، واللسان مجرد آلة حتى إن إسناد النطق إليه ربما يعد مجازا { وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون } ، الظاهر أنه من تتمة كلام الجلود{[4416]} عن ابن عباس- رضي الله عنهما- إن الكافر يجحد شركه ويحلف كما يحلفون لكم فتشهد من أنفسهم جوارحهم ويختم على أفواههم ثم يفتح لهم الأفواه فتخاصم الجوارح فتقول أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء هو الذي خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ، فتقر الألسنة بعد الجحود


[4415]:ولذلك قال:"شهد عليهم سمعهم "وقالوا:" لم شهدتم علينا ". وليس الشاهد أنفسهم وهذه آلات للنطق بمنزلة اللسان، بل الجوارح في القيامة هي الناطقة حقيقة/12 منه.
[4416]:رد على البغوي والواحدي حيث قالا تم الكلام، وقال الله:{وهو خلقكم} إلخ وليس هذا من جواب الجلود وهذا الذي نقلنا عن ابن عباس- رضي الله عنهما- يدل على ما قلنا وقد صحح هذا النقل عن ابن عباس- رضي الله عنهما- الشيخ المحدث عماد الدين بن كثير/12 منه.