السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَيۡنَاۖ قَالُوٓاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنطَقَ كُلَّ شَيۡءٖۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (21)

{ وقالوا } أي : الكفار الذين يحشرون إلى النار { لجلودهم } مخاطبين لها مخاطبة العقلاء لما فعلت فعل العقلاء { لم شهدتم علينا } مع أنا كنا نحاجج عنكم { قالوا } مجيبين لهم معتذرين { أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء } أراد نطقه على وجه لم يقدر على التخلف عنه فليس بعجب من قدرة الله الذي له مجامع العز { وهو خلقكم أول مرة } والعلم القطعي حاصل عندكم بأنكم كنتم عدماً ثم نطفاً لا تقبل النطق في مجاري العادات بوجه ، ثم طوركم في أدوار الأطوار كذلك إلى أن أوصلكم إلى حيز الإدراك فقسركم على النطق بحيث لو أردتم سلبه عن أنفسكم ما قدرتم { وإليه } لا إلى غيره { ترجعون } فينبئكم بما كنتم تعملون .

تنبيه : اختلف في قوله تعالى : { وهو خلقكم } الآية فقيل : هو من كلام الجلود وقيل : هو من كلام الله تعالى كالذي بعده وموقعه تقريب ما قبله بأن القادر على إنشائكم ابتداءً وعلى إعادتكم بعد الموت أحياءً قادر على إنطاق جلودكم وأعضائكم .